الأربعاء، 22 يناير 2014

استغاثة لرئيس محاكم المنيا: قاعتا محكمة جنايات المنيا رديئتا التهوية

استغاثة لرئيس محاكم المنيا: قاعتا محكمة جنايات المنيا رديئتا التهوية
 قاعتا محكمة جنايات المنيا رديئتا التهوية للغاية لكون النوافذ الموجودة بهما (رغم كثرة عددها) من النوع الزجاجى الذى يفتح بالورب فتحات ضيقة جدا ولا يمكن فتحه كليا طبقا لتصميمه، ونظرا لأننا – المحامين- نقضى أوقات طويلة بالقاعتين نتعرض لصعوبة التنفس لا سيما أن القاعتين تزدحمان بعدد كبير جدا من المحامين والمتهمين. لذا أناشد السيد وزير العدل والسيد محافظ المنيا باستبدال بهذه النوافذ نوافذ حديدية شبيهة بنوافذ السجون لضمان جودة تهوية القاعتين.
 محمود عبد القادر المحامى

*نشر هذا المقال بصحيفة المصريون بتاريخ  02 يناير 2014 
اقرأ المقال الاصلى فى المصريون : http://almesryoon.com/%D8%AF%D9%8A%D9%88%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B8%D8%A7%D9%84%D9%85/348877-%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D8%BA%D8%A7%D8%AB%D8%A9-%D9%84%D8%B1%D8%A6%D9%8A%D8%B3-%D9%85%D8%AD%D8%A7%D9%83%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%86%D9%8A%D8%A7-%D9%82%D8%A7%D8%B9%D8%AA%D8%A7-%D9%85%D8%AD%D9%83%D9%85%D8%A9-%D8%AC%D9%86%D8%A7%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%86%D9%8A%D8%A7-%D8%B1%D8%AF%D9%8A%D8%A6%D8%AA%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%87%D9%88%D9%8A%D8%A9

2342

عندما ترى مجرما متلبسا تحفظ عليه وكتفه وإياك أن تضربه أو تفتشه
الشائع أنه عندما يرى عامة الناس مجرما متلبسا بالجريمة فإنهم يتحفظون عليه ويفتشونه ويضربونه ثم يسلمونه للشرطة قاصدين بذلك خدمة الصالح العام لكن للأسف نظرا لأنهم يمارسون ذلك دون علم فإنهم يتسببون فى إضرار الصالح العام؛ حيث لا يجوز لآحاد الناس ولا للجان الشعبية تفتيش المتهم وكل ما خوله القانون لهم هو التحفظ على المتهم وعلى جسم الجريمة وتجريده من الأسلحة الظاهرة معه للتمكن من التحفظ عليه دون تفتيشه وتسليمهم إلى أقرب مأمورى الضبط القضائى طبقا لأحكام المادتين37 و 38 من قانون الإجراءات الجنائية.
ولو فتشه عامة الناس فسيكون هذا التفتيش باطلا ويترتب على بطلانه بطلان كل إجراء مبنى عليه وغالبا هذا البطلان يؤدى إلى براءة المتهم بكل سهولة وقد بينت محكمة النقض ذلك فى الطعن رقم 29414 لسنة 76ق جلسة 15/3/2008م والطعن رقم 8847لسنة 78ق جلسة4/11/2010م.
محمود عبد القادر
المحامى

*نشر هذا المقال بموقع شباب الشرق الأوسط بتاريخ 5 ديسمبر2013م على الرابط
http://ar.mideastyouth.com/?p=38754
حلاً لمشكلة الأقلام الصينية
 أثارت الأقلام الصينية المنتشرة منذ سنوات بالأسواق السوداء بمصرنا الحبيبة أكبر الذعر فى قلوبنا، لأن حبرها يمسح بالحرارة دون ترك أى أثر وبعضها حبرها يمسح تلقائياً بعد فترة وقد اتخذت وزارتا التموين و الداخلية إجراءات وقائية منها منع هذه الأقلام من التداول وحظر بيعها وتحذير المصالح الحكومية والبنوك منها ولكن لم يتوصل حتى الآن لحل لهذه المشكلة.
المشاكل التى تثيرهها هذه الأقلام
1- تفتح ثغرة لتغيير أى مستند مع عدم تغيير التوقيع وذلك حينما يوقع شخص بقلمه الجاف العادى على مستند مكتوب بأحد هذه الأقلام فمن الممكن حينئذ أن يعدل الطرف الآخر بنود العقد بعد التوقيع بكل سهولة .
وحلاً لهذه المشكلة نرجو صدور تشريع بعدم الاعتداد بأى مستند مكتوب بخط اليد والاعتداد فقط بالمستندات المكتوبة على الحاسوب ، وهذا أيضاً أفضل قانونياً من جهة وضوح الخط وسلامته لأن هناك أناسا يتعمدون سوء الخط وجعله غير مفهوم ليصبح ذريعة للتحايل أمام القضاء.
وفى ظل عدم استجابة السلطات المصرية لتنفيذ هذا الحل فيمكنك  -عزيزى المواطن- أن تحمى نفسك قدر الإمكان من هذه المشكلة الأولى بأن تراعى عند كتابة عقد أو مستند  كتابته على الحاسوب، وهذا أيضاً أفضل قانونياً من جهة وضوح الخط وسلامته لأن هناك أناسا يتعمدون سوء الخط وجعله غير مفهوم ليصبح ذريعة للتحايل أمام القضاء وراع عند توقيع الشخص أن يوقع بقلمك أنت لا قلمه هو.
2- تثير هذه الأقلام مشكلة أخرى في ثبوت التوقيع على المستندات فمن الممكن مثلا أن يدخل عميل ما أحد البنوك ويطلب سحب مبلغ ما من حسابه البنكى ويوقع على إيصال السحب بأحد هذه الأقلام ويختفى التوقيع تلقائيا بعد فترة ثم يدعى العميل عدم سحبه أى مبلغ من حسابه ويقاضى البنك بادعائه هذا وحينها لن يستطيع البنك إثبات خطأ ما يدعيه العميل ،وقد سارعت بنوك كثيرة في اتخاذ إجراء حمائى من هذه الأقلام وهو إجبار العميل على التوقيع على مستندات البنك بقلم البنك المربوط بحبل معلق بشباك الصرف في البنك لكن حتى الآن هناك بنوك كثيرة لم تتخذ هذا الإجراء الحمائى ولا تزال عرضة للخطر سالف الذكر منها بنك الإسكندرية مثلا، وأرى وسيلة حمائية أكثر فعالية للبنوك أرجو استخدامها بالإضافة للوسيلة التى اتخذوها وهى:
بعض الأوراق البنكية كإيصال السحب مثلا تتكون من نسختين بينهما مادة الكربون الطابعة فعندما يوقع العميل على إيصال السحب مثلا يكتب توقيعه على النسخة الأولى من إيصال السحب والكربون يطبع توقيعه على النسخة الثانية من إيصال السحب الملصق بالنسخة الأولى ويأخذ العميل النسخة المطبوع عليها توقيعه بالكربون ويترك للبنك النسخة الحاملة توقيعه الأصلى، والوسيلة التى أقترحها أن تتكون الأوراق البنكية كإيصال السحب مثلا من 3 نسخ ملصقة ببعضها البعض بينها مادة الكربون بدلا من نسختين فقط وعندما يوقع العميل علي النسخة الأولى يطبع الكربون توقيعه على النسختين الأخرتين ويأخذ العميل إحدى النسختين المطبوعتين بالكربون ويترك للبنك النسخة الحاملة توقيعه الأصلى والنسخة الثانية التى تحمل توقيعه بالكربون وبالتالى إذا وقع العميل بقلم صينى ومحى توقيعه بعد ذلك ستكون مع البنك النسخة الحاملة توقيعه بالكربون، والمحرر الموقع عليه بالكربون يكون فى حقيقته محررا قائما بذاته له حجية فى الإثبات فقد ورد فى الحكم الصادر من محكمة النقض المصرية فى الطعن رقم 527 لسنة 44 ق جلسة 31-1-1978 س29 ص357، وفى الطعن رقم 2150لسنة 51ق جلسة22-5-19994م: "وإذا كان المقصود بالإمضاء هو الكتابة المخطوطة بيد من تصدر منه وكان الإمضاء بالكربون من صنع ذات يد من نسبت إليه فإن المحرر الموقع عليه بإمضاء الكربون يكون فى حقيقته محررا قائما بذاته له حجيته فى الإثبات".
أناشد اتحاد المصارف العربية والبنك المركزى المصرى بإصدار توصية ملزمة لجميع المصارف بتطبيق الحل المقترح.
أما أنت –عزيزى المواطن- فيمكنك حماية نفسك من هذه المشكلة الثانية بأنك عندما تحرر عقدا عرفيا احرص على تزويد نسخة موقعة بالكربون لنفسك، وإذا رفض الطرف الآخر ذلك وأصر على أن يكون العقد من نسختين فقط فخذ أنت النسخة الموقعة بالكربون.
محمود عبد القادر
المحامى

*نشر هذا المقال بموقع شباب الشرق الأوسط بتاريخ 14نوفمبر2013م على الرابط
http://ar.mideastyouth.com/?p=38123






اقتراحاتى لمسودة دستور مصر 2013

1-سلطة اقتراح القوانين
أقرت المادة 97 من مسودة دستور جمهورية مصر العربية التى أعدتها لجنة الخمسين حق رئيس الجمهورية وللحكومة وكل عضو من أعضاء مجلس النواب فى التقدم بمشروع قانون (اقتراح قانون)، والاقتراح المقدم من أحد أعضاء مجلس الشعب يحال إلى لجنة الاقتراحات بالمجلس وإذا أقرت صلاحيته فإنه يحال إلى اللجنة المختصة حسب موضوعه  ثم يعرض على المجلس لمناقشته والتصويت عليه .أما الاقتراح المقدم من رئيس الجمهورية فإنه يستعين بالأجهزة الحكومية بلجانها الفنية لوضع الصيغة القانونية ثم يحال مباشرة إلى اللجنة المختصة بموضوع الاقتراح بمجلس الشعب ثم يعرض على المجلس  لمناقشته والتصويت عليه.
والغريب أن دستورنا حرم رجال القانون من سلطة اقتراح القوانين ، ورجال القانون الممثلون فى القضاة والمحامين وضباط الشرطة هم الأولى والأحق بسلطة اقتراح القوانين لأنهم فى تعامل دائم مع القوانين بحكم عملهم ، وهم الأدرى بما يجب تعديله وما يجب إلغاؤه وما يجب اقتراحه بحكم ثقافتهم القانونية.
سيرد على البعض بأن المادة 113من مسودة الدستور ذاتها أعطت الحق لكل مواطن فى تقديم الاقتراحات المكتوبة إلى أى من مجلسى النواب أو الشورى بشأن المسائل العامة؛ لكنى أعارضهم بأن طول قنوات مرور الطلبات والاقتراحات يؤدى إلى المماطلة والإهمال وسوء التقدير بعكس الاتصال المباشر الذى يوصل الطلب إلى هدفه مباشرة دون تغيير فيه، ولذلك مؤكدات عدة؛ فمثلا فى الفيزياء كلما طالت قناة مرور الإشارة كلما زاد احتمال وجود عوائق تحدث فقدا فى الطاقة، وأذكر أيضا حين دراستى كنت أشترك فى مسابقات الكتب الخارجية وأحصل على هداياها فكانت إحدى الشركات ترسل لى الهدية على منزلى فتصل ليدى مباشرة بينما شركة أخرى كانت ترسل لى إيصالا لأتسلم به الهدية من إحدى المكتبات فكانت المكتبات تماطل وتؤخر الهدية وبعضها يختلسها ويبيعها وبعضها يعطينى الهدية ناقصة.
وفى رأينا هذه المادة تحتاج تعديلا لتوسع المجال لاقتراح القوانين.

2-لإنقاذ ما يمكن إنقاذه فى مدى دستورية القوانين
  تألمت ألما شديدا بعد حل مجلس الشعب المصرى بعدما قضى ببطلان قانون انتخابه ؛لأنى أعلم جيدا أن إعادة انتخاب مجلس الشعب من جديد ستكلف الدولة أموالا باهظة فضلا عن تأخر وجود مجلس شعب مما يعطل وجود تشريع صادر عن سلطة تشريعية حقيقية.
وطالما سبب لنا عدم دستورية القوانين مشاكل كبيرة؛ فقد قضى أيضا بعدم دستورية قانون العزل.
فى مصر لا توجد جهة رقابية ملزمة بالرقابة على دستورية القوانين والرقابة على دستورية القوانين فى مصر اختيارية مخولة على سبيل الحق لا الإلزام لثلاث جهات هى :1-الإحالة من محكمة الموضوع (مادة 29 من قانون المحكمة الدستورية العليا رقم 48لسنة 1979م)،2-الدفع بعدم الدستورية من جانب الأفراد (مادة 29فقرة ب من القانون ذاته)،3-التصدى من جانب المحكمة الدستورية العليا(مادة 27 من القانون ذاته) .
والقضاء بعدم دستورية قانون ما يسبب آثارا وخيمة يتعذر تداركها فى معظم الأحيان لذا أقترح أن ينص الدستور الجديد على أن تشكل المحكمة الدستورية العليا لجنة دائمة من كبار فقهاء القانون فى مصر تكون مهمتها دراسة مدى دستورية أى قانون جديد بإمعان شديد جدا وألا ينشر أى قانون جديد بالجريدة الرسمية إلا بعد التصديق عليه من تلك اللجنة وبعد ذلك أى حكم يصدر بعدم دستورية قانون ما ينفذ بأثر مستقبلى ولا يكون له أثر رجعى حماية لاستقرار المعاملات .
لنتذكر معلومة أمهد بها لاقتراح سأطرحه:
فى المحاكم العادية لا ينفذ الحكم إلا بعد صيرورته نهائيا أى بعد استئنافه أمام محكمة الدرجة الثانية أو بعد مرور الفترة اللازمة لصيرورة الحكم نهائيا إذا لم يُستأنف أمام محكمة الدرجة الثانية لكن المشكلة فى دستورية القوانين أن الطعن بعدم الدستورية متخذا إحدى الصور الثلاث سالفة الذكر لا يسقط بمرور زمن معين وإنما هو مفتوح المدة.
بعض الأحكام بعد استئنافها أمام محكمة الدرجة الثانية وصيرورتها نهائية،فى أثناء الطعن فيها أمام محكمة النقض المقرر أن يجرى الطعن فيها أمام محكمة النقض فى أثناء تنفيذها ، ولكن يجوز لمحكمة النقض إيقاف تنفيذ الحكم النهائى مؤقتا لحين الفصل فى الطعن فيه بالنقض متى طلب منها ذلك إذا كان سيترتب على تنفيذه ضرر يتعذر تداركه (مادة 292من قانون المرافعات المدنية والتجارية رقم13لسنة1968م)؛لذا أتمنى أن يمنح قانون المحكمة الدستورية العليا هذا الحق للمحكمة الدستورية العليا وهو إيقاف تنفيذ عمل تطبيقى لقانون ما فى حالة وجود دعوى قضائية طاعنة بعدم دستورية هذا القانون بشرط أن تكون الدعوى جدية لا كيدية وأن يكون العمل التطبيقى لهذا القانون يترتب عليه آثار يتعذر تداركها.
سيعارضنى البعض بأن هذا الاقتراح غير قابل للتنفيذ واقعيا لأنه إذا طبق ذلك وأوقفت المحكمة الدستورية العليا عملا تطبيقيا لقانون ما فى حالة وجود دعوى قضائية جدية طاعنة بعدم دستورية هذا القانون فستتوقف مصالح الناس ويتوقف سير الحياة بتوقف كل الأعمال المعتمدة على القانون المطعون بعدم دستوريته؛ وأرد على ذلك بالآتى:
1-    هناك أعمال تطبيقية يمكن تأجيلها دون إلحاق ضرر بالغ ومنها مثلا تأجيل انتخابات مجلس الشعب لحين الفصل فى الطعن بعدم دستورية القانون الذى ستتم الانتخابات بناء عليه.
2-     كما أننى لا أقترح إلزام المحكمة الدستورية العليا بفعل ذلك وإنما أقترح منحها سلطة تقديرية فى فعل ذلك وبذلك تقدر ظروف كل حالة وتفعل ما تراه صحيحا وتعمل بالقاعدة الفقهية " الضرر الأكبر يدفع بالضرر الأخف" .
وبذلك نكون قد أدينا ما باستطاعتنا فعله لتلافى الآثار الوخيمة للقضاء بعدم دستورية القوانين .
محمود عبد القادر
المحامى
www.mahmkd.net.ms


*نشر هذا المقال بموقع دنيا الرأى بتاريخ 31أكتوبر 2013م على الرابط
http://pulpit.alwatanvoice.com/articles/2013/10/31/310442.html

بلدنا أمانة فى أيدينا
   حين أتجول فى شوارع بلدى الحبيب مصر عقب إحدى مباريات منتخب مصر لكرة القدم أرى اهتمام المصريين البالغ بالمباراة وتمنيهم الفوز وفرحتهم الكبيرة به أو حزنهم البالغ بعد الهزيمة.
أرى اهتمامهم بالغا للغاية لدرجة تعطل مصالح وأعمال مصر كلها خلال المباراة ولا ينشغل أى مصرى سوى بمتابعة المباراتين وهو جالس على أعصابه.
من ير اهتمام المصريين آنذاك يعتقد أن مصر أقوى دولة فى العالم بقوة شعبها الذى كان يقف وقفة رجل واحد آنذاك ويعتقد أيضا أن هذا الشعب إذا اتحد واجتمع على فعل شىء بنفس القوة والاهتمام والإصرار الذى اجتمع عليه فى تشجيع منتخب بلده فى المباراة لاستطاع بكل سهولة أن يفعل ذلك الشىء.
إذا نظرنا إلى بعض الدول المتقدمة فسنرى أسباباً كثيرة لتقدمها ولعل أهم هذه الأسباب كثرة مواردها وتوافر مقومات النجاح فى جميع المجالات فيها وأهم مورد من هذه الموارد هو المورد البشرى الذى تعد جودته أساس تقدم هذه الدول وتتمثل تلك الجودة فى التزام مواطنى هذه الدول بالأخذ بأسباب النجاح والتقدم والتفوق من أجل مصلحتهم ومصلحة موطنهم الذى وفر لهم كل احتياجاتهم فأصبحوا غيورين عليه وباتوا يعلمون أبناءهم جيلاً بعد جيل هذا المبدأ منذ نعومة أظفارهم فيأخذون بأسباب التقدم ولا يعرفون الهرج ولا المرج ويسيرون فى الطريق الذى يجلب الخير لهم ولوطنهم الذى يحبونه .
تعالوا بنا ننظر إلى بعض الدول الفقيرة المتقدمة ، سنجد السبب الرئيسى لتقدمها هو حرص مواطنيها على مصلحة وطنهم ورفع شأنه وإظهاره بشكل جيد أمام العالم ومن ثم يحرص مواطنو هذه الدول على استغلال الموارد القليلة أفضل استغلال حتى لا يشعروا بأنهم أقل أهمية أو علماً أو بأنهم لم يستطيعوا إثبات وجودهم .
هؤلاء قهروا الفقر و نقص الموارد وتغلبوا عليهما بإرادتهم التى صنعت لهم المستحيل فاستحقوا تقدير العالم .
إذا عقدنا مقابلة بين حال هؤلاء وحال مجتمعنا المصرى فبالتأكيد لن تكون هذه المقابلة فى صالحنا لكن علينا أن نعقدها لنعرف أسباب كبوتنا ونسعى لتصحيحها .
إن وطننا الغالى مصر أمدنا قدر استطاعته بكثير من الخدمات المجانية كمجانية التعليم مثلاً لكن للأسف معظم هذه الخدمات مزيفة ومظهرية فقط ولا تلوم فى هذا التزييف وطننا الحبيب وإنما نلوم شعبنا الذى أساء استخدام هذه الخدمات ؛ فعلى سبيل المثال لا الحصر نجد المسئولين فى معظم المصالح الحكومية يماطلون ويتكاسلون فى تأدية عملهم وقس على ذلك الفساد والإهمال والاستغلال السيىء لموارد الدولة الكثير من الصور مثل الباعة الجائلين الذين تزدحم بهم الشوارع ويعوقون المرور بالطرق ويتسببون فى الكثير من الحوادث ويلقون بالسباب على بعضهم البعض الأمر الذى يسبب تلوثاً سمعياً فى شوارعنا كما تجد المواطنين يكرسون كل جهدهم فى تخريب المرافق العامة دون فائدة تعود عليهم من هذا السلوك السيىء وكأن عقولهم قد ماتت فأصبحوا يخربون بيوتهم بأيديهم دون فائدة تعود عليهم وتمادياً لسلوكهم السيىء فإنهم يمارسون النصب على بعضهم البعض وكل من يُنصَب عليه أو يُغَش فى شىء يحاول أن ينصب على الآخرين ليروى غليله الأمر الذى أدى إلى انتشار الكراهية والعدوانية والفرقة بين أفراد شعبنا وقد أدى ذلك بدوره إلى ضعف مجتمعنا المصرى فى المجالات كافة .
وإنى أقولها بصراحة: إن معظم شعبنا الآن لا يتحد إلا فى  تنظيم المظاهرات والهتافات والحملات والاجتماعات والمؤتمرات فهو يعشقها  دون أن ينظر إلى مدى الاستفادة من هذه الأفعال ودون جدية فى الاستفادة منها وإن معظم شعبنا يتفنن ويكرس كل جهده فى غش بعضه البعض والنصب على بعضه البعض وتعطيل مصالح بعضه البعض .
فمثلا منذ فترة نظم طلاب جامعتنا حملة عن اللغة العربية وكانت هتافاتهم تهز الجامعة وعندما نظرت إلى شعار الحملة وجدته مكتوباً هكذا " احمى لغتك " والصواب " احم لغتك " ولم تتضمن الحملة ندوات عن التصويب اللغوى ولا كتبا عن شىء مفيد فى اللغة وإنما ضمت هتافات ونشر الملصقات فقط ... عجبى .
ورأيت أيضاًَ مظاهرة عن الانتفاضة الفلسطينية نظمها حشد كبير جداً من الناس ولم تفد المظاهرة الانتفاضة الفلسطينية بشىء وعندما بدء جمع التبرعات التى تستفيد منها الانتفاضة فعلاً لم يشارك إلا عدد قليل جداً وانفض الحشد الكبير وسط ذهول شديد منى ، ورأيت آنذاك كيف يجرى شعبنا وراء الشعارات وترويج الإشاعات وتتملكه القابلية للاستهواء وعند وقت الجد والعمل الحقيقى لا الكلام لا تجد إلا القليل ممن رحم ربى ، وخير الأمثلة التى يجدر ذكرها المقاطعة الاقتصادية التى يتحمس شعبنا لها دون أن يفهم نتيجتها ولو فهم نتيجتها لبعد عنها كل البعد ؛ فإن الشركات التى يريدون مقاطعتها شركات عالمية لها فروع فى كل أنحاء العالم إذا قاطعناها فسيغلق فرعها فى مصر وستبقى باقى فروعها تعمل كما هى ولن تتأثر هذه الشركات بخسارة هذا الفرع مثلما سيتأثر العاملون فى هذا الفرع من شعبنا .
لقد أوضح برنامج " خواطر " التلفازى الذى أعده وقدمه " أحمد الشقيرى " والفيلم المصرى "عسل أسود " بطولة الفنان " أحمد حلمى " والفيلم المصرى " بالألوان الطبيعية " أن معظم شعبنا فى منتهى السوء مع وجود قلة قليلة جداً بين هذا الشعب صالحة يجب أن تحكم البلاد ولكن كيف ستستطيع الإصلاح وسط فساد الناس النابع من نفوسهم لا من شىء آخر فهو ذاتى المنيع كعضلة القلب ذاتية الحركة ، ودعونا نتخيل ما فائدة أفضل مدرب إذا منح لفريق لاعبوه فاسدون؟! ؛ كذلك القوانين الجيدة لا تجدى دون وجود سلطة جيدة تنفذها والاثنان لا يجديان دون وجود شعب يساعدهما على التنفيذ ؛لأن أى نجاح أو فساد فى العالم لا يأتى من شخص بمفرده مهما كانت سلطاته أو جبروته أو قوته وإنما يأتى من تعاون مجموعة أطر الشبكية وقد كان أهم شىء ساعد الخليفة المصلح " عمر بن عبد العزيز " فى مشروعه الإصلاحى التفاف شعبه حول مشروعه الإصلاحى عندما لمسوا صدق المشرف عليه وإخلاصه .
فى حال فساد شعبنا أرى صدق المثل الشعبى "هم اللى علموا الكذب يكذب"؛ فقد كنت اعتقد أن إصلاح القوانين واتباع مبدأ "سد الذرائع"(الموجود فى شريعتنا الإسلامية بهدف إغلاق طرق المعاصى ) كفيلاً لإصلاح مجتمعنا لكنى اكتشفت أن ذلك ليس كافياً وأنه لابد أن يصلح الشعب نفسه بنفسه وسأسرد تجربة تدل على ذلك:
فى البنوك اتبع نظام الأرقام على الخزانة منعاً للوساطة فى ترتيب قضاء العملاء معاملاتهم البنكية بمعنى أن عميل البنك يتسلم عند دخوله البنك رقماً مسلسلاً من موظف الأمن وهم رقم دوره وينتظر حتى يأتى دوره بأن يظهر رقمه على شاشة الخزانة وهذا النظام معمول به منعاً للوساطة لأن الأرقام بترتيبها التسلسلى لا تدع فرصة لتحشير رقم بينها لكنى رأيت مرة الخزانة بعدما ظهر عليها رقم 445 لم يظهر عليها 446 وإنما ظهر عليها 334 وذلك لأن عميلاً ذا وساطة أراد أن يقوم بمعاملة بنكية فى تلك اللحظة فأعطوه هذا الرقم وعندما تجادل مسئولى البنك فى ذلك يخبرونك بأنه حين أتى دور رقم 334 كان صاحبه بالخارج وأتى الآن ( وطبعاً هذا كذب لأنه لو حدث ذلك فعندما يعود صاحب رقم 334 سيكون عليه سحب رقم جديد والانتظار من جديد ) ، كما إن هناك ذريعة أخرى يتخذها موظفى البنوك فى ذلك الأمر فقد يحتفظون بالأرقام العشرة الأولى ( من 1 : 10 ) ليعطوها لمعارفهم وأصدقائهم وللمسئولين كى لا ينتظروا دورهم على الخزانة !
حينذاك تأكدت أن هذا الشعب الذى تشربت نفسه روح الفساد لن يصلحه أى نظام صالح إلا لو كان الإصلاح نابعاً من نفسه وقد صدق القول : " لا ينفع الجرباء قرب صحيحة لها      ولكن الصحيحة تجرب ) .
وحتى إذا توفرت السلطة التنفيذية الناجحة والقوانين الرادعة فلن يجديا دون تعاون الناس فى التنفيذ ؛ لأن القوانين الدنيوية تتعامل فى الظاهر ولا تستطيع كشف الباطن ولا التدخل فيه كالنيات مثلاً ؛ لذا هناك أشياء لا تستطيع القوانين الوضعية تقنينها ؛ فمثلاً عندما يدخل عميل البنك لإيداع رصيد بحسابه ؛ فإيصال إيداعه الذى يتسلمه من الصراف يثبت حقه وقد قنن القانون ذلك لكن إذا تسلم الصراف المال من العميل ولم يعطه إيصال إيداع وأنكر حقه ولم يك هناك شهود أو شهدوا زوراً فإن القانون الدنيوى حينها لن يستطيع تقنين ذلك ولابد من صلاح الناس وتعاونهم مع القانون .
حين كنت صغيراً كنت أظن أن من يملك سلطة تخول له معاقبة كل من يؤذيه من المفسدين سيعيش سعيداً لذا اعتقدت أن أفراد الشرطة أسعد الناس لكنى حين كبرت اكتشفت خطأ ذلك الاعتقاد وصدق قول رسول الله-صلى الله عليه وسلم-:" " إنَّما مثلُ الجليسِ الصَّالحِ والجليسِ السُّوءِ ، كحاملِ المِسكِ ونافخِ الكيرِ . فحاملُ المسكِ ، إمَّا أن يُحذِيَك ، وإمَّا أن تَبتاعَ منه ، وإمَّا أن تجِدَ منه ريحًا طيِّبةً . ونافخُ الكيرِ ، إمَّا أن يحرِقَ ثيابَك ، وإمَّا أن تجِدَ ريحًا خبيثةً".(رواه مسلم فى صحيحه)،ومعنى هذا أنك مهما فعلت لن تستطيع أن تحمى نفسك من إيذاء الأشرار المحيطين بك فجليس السوء إن لم يحرق ثيابك فستجد منه ريحا خبيثة لذا عليك الابتعاد عن الأماكن والأوطان التى يتواجد فيها الأشرار قدر الإمكان وحاول فعل ذلك بكل ما تملك ،وسأوضح ذلك بالآتى :
- إن الفرد فى مجتمعنا يضايقه الفاسدون عشرات المرات يومياً وسأذكر مثالاً بسيطاً جداً فمثلاً عند شرائك أى شىء تجد البائع يغش فى الميزان وفى السلعة وفى السعر والكل يغش فى كل شىء فلو كان المشترى أحد أفراد السلطة  وقرر الانتقام من هذا البائع بطريقة غير قانونية فإنه لن يحل المشكلة حلاً جذرياً لأن ذلك إن أصلح فسيصلح هذا البائع فقط وقد لا يصلحه ولكنه يخيفه فيجعله يراعى ضميره أمام هذا المشترى فقط ولن يتحقق الردع العام ، كما أن الانتقام لا يريح المنتقم هنا لأنه قد تضرر فعليا بالنصب والاستغلال والغش وسيتعرض له يومياً من عشرات البائعين الآخرين .
أرى أن حل ذلك يكمن فى تطبيق التفتيش السرى الذى سأذكره بالتفصيل لاحقاً لكنه لن يجدى إلا بتعاون الشعب.
قد يتبادر إلى ذهنك – عزيزى القارىء – أنى أقصد من ذلك أن وطننا لن يصلح حاله أبد الدهر وأنى يائس من ذلك لكنى لست كذلك بل إنى مؤمن بأن إصلاح جزء خير من فساد الكل وبأن علينا أن نحاول قد استطاعتنا كل فى مجاله ومكانه يبدأ بنفسه ولكل مجتهد نصيب ؛ فيقول تعالى:" وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (105التوبة) و " إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً (الكهف30) " ، ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم : "من كانت له أرض فليزرعها أو ليمنحها أخاه . فإن أبى فليمسك أرضه"(رواه مسلم)،و " إذا اجتهد فأصاب فله أجران ، وإن اجتهد فأخطأ فله أجرٌ(رواه الشوكانى فى الفتح الربانى)،كما يقول –صلى الله عليه وسلم –فى ضرورة أداء كل فرد دوره بغض النظر عن النتائج: " إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة ، فإن استطاع أن لا تقوم حتى يغرسها فليغرسها"(رواه الألبانى فى صحيح الجامع، وورد فى الكتاب المقدس : "من يعرف أن يعمل حسناً ولا يفعل فتلك خطية له "يع 4 : 7.
لا يزال شعبنا يردد وراء المطربة " شيرين " أغنيتها " بلدنا أمانة فى أيدينا " دون أن يعلم معنى هذه الكلمة العظيمة ودون أن يفكر فيها ولو للحظة ودون أن يعمل بها أيضاً .
لقد خلقنا الله سبحانه لعمارة الأرض وأنعم علينا بوطننا الحبيب وإذا كان وطننا محروماً من كثير من الموارد فلديه أعز الموارد ألا وهو الثروة البشرية التى تمثل الكنز الحقيقى لأى مجتمع.
 لنتذكر قول الشاعر:"وما يرفع الأوطان إلا رجالها    وهل يترقى الناس إلا بسلم؟"
إن لم نفق من غفلتنا ونرفع وطننا الحبيب فمن سيرفعه ؟!
يجب أن نكون غيورين على وطننا وأن نتحد ونقف صفاً واحداً من أجل رفعة وطننا الحبيب ، ويجب أن نوقظ قلوبنا وعقولنا من غفلتهم ونعلم أن مصلحة الوطن من مصلحتنا الشخصية ونكف عن إيذاء بعضنا البعض وعن النقد الهدام وعن التمرد على الحكومة وعن الفساد ومحاولة الإصلاح بدلاً من هذا التمرد والكف عن النصب على بعضنا البعض فى كل شىء حتى لا نتعرض لرد فعل هذا النصب والإيذاء من كل منا ونظل فى صراع داخلى أهلى بدلاً من التكاتف .
إننا نحمل إرثاً حضارياً يجدر بنا أن نحافظ عليه فليبدأ كل منا بإصلاح نفسه ولندع الشعارات الهدامة القائلة بتعجب " أنت هتصلح الكون ؟  ولم لا نصلح الكون وقد خلقنا الله لتعميره ؟!" ليؤد كل منا عمله بإتقان ويوقظ ضميره ويراقبه ولنتعاون فى خدمة بعضنا البعض وفى خدمة وطننا الحبيب .
محمود عبد القادر
www.mahmkd.net.ms
*نشر هذا المقال بموقع دنيا الرأى بتاريخ28يوليو2013م على الرابط

ضرورة عمل المرأة
 للأسف الشديد فى عصرنا الحالى عندما يفكر معظم الفتيات فى الزواج لا يفكرن فى العمل زعماً منهن أن ديننا الحنيف قد حدد وظيفة المرأة بتربية الأبناء لكنى أرد عليهم بأن الناس قد عرفوا الله بالعقل وبأنه لابد أن نعبد الله بالعقل وصحيح أن هناك عبادات الأصل فيها الاتباع ولا يجوز فيها استخدام التفكير فيها ولا تعديلها كالصلاة مثلاً لكن هناك أشياء فى حياتنا تركها الله تعالى لتقدير عباده ؛ فقد قال الرسول –صلى الله عليه وسلم - :      " أنتم أعلم بأمر ديناكم " ، وصحيح أن وظيفة المرأة الأساسية هى رعاية شئون المنزل وتربية الأبناء لكن عمل المرأة ليس محرماً شرعاً ولا مكروهاً ؛ وأرى أن عمل المرأة فى عصرنا هذا ضرورة وسأثبت ذلك بالآتى:
 تفكر الفتاة فى الزواج لقضاء شهوتها الجنسية وتفكر فى الإنجاب لقضاء شهوة الإنجاب لديها ولا تفكر فى إعالة الأبناء مادياً باعتبار أن ذلك ليس عملها وإنما هو عمل زوجها .
وتفرح البنت عندما يطلبها رجل للزواج ويبهرها المهر الغالى الذى سيدفع لها وأنها ستعيش فى بيت ستكون هى سيدته وتبهر بأن طلباتها مجابة من الأثاث الفاخر وكل ما تريده من فخفخة فى تجهيز منزل الزوجية ، وتفرح جداً بأنها تنال ذلك دون أن تفعل شيئاً ودون أن تبذل أى مجهود لنيل ذلك فكل ما دفع الرجل للزواج منها إما جمالها الذى منحها الله إياه دون أن تفعل شيئاً وإما حسبها الذى منحه الله إياها أيضاً دون أن تفعل شيئاً ، ونادراً ما يكون الدافع دينها أو مالها وإذا كان الدافع مالها فغالباً ما تكون قد ورثته دون تعب منها أيضاً ؛ وقد يكون مستوى البنت الفكرى متواضعاً جداً (وقد رأيت أمثلة واقعية لذلك ) وكنت أحسد الفتيات على ذلك النعيم الذى ينلنه من أثاث ومسكن فاخر دون مجهود لكنى بعدما رأيت نتيجة ذلك علمت أن ذلك الموقف لا يحسد عليه وسأوضح ذلك جيداً .
لم تضع الفتاة أى احتمال فى أن زوجها قد يطلقها بعد إنجاب أطفال منها والقانون المصرى للأسف لا يحمى حق نفقتها ونفقة أبنائها الحماية اللازمة لأنه يقرر نفقة ضئيلة لا تجدى وعبء إثبات دخل الزوج يكون على الزوجة ، كما أن البنت لا تضع احتمالها فى أن زوجها قد يضايقها فتطلب الخلع منه وحينها سوف تتنازل عن كل حقوقها .
ما ذنب الابن الذى يولد فلا يجد مالاً كافياً للمأكل والمشرب والملبس الملائم بسبب أن أباه قد تخلى عنه والقانون لا يحميه الحماية الكافية وأمه لم تعمل حساب الدهر وتقلباته إنما كانت قصيرة النظر لم تفكر إلا فى شهوتها ؟! والأخطر من ذلك أن فتيات كثيرات من ذوات التفكير الشهوانى يتزوجن من رجال فى منتهى الفقر وينجبن منهم أبناء كثيرين بحجة أن الرزق على الله.
قد يحتج بعض الفتيات بحسن الاختيار والثقة فى الزوج لكنى أرد عليهم بأن البشر متغير وبأن الثقة مفتاح الخيانة وبأنه لا صواب لمن يظن أنه قد عرف شخص ما حق المعرفة لأن أى إنسان متعدد الشخصيات فقد يكون الإنسان شخصا فى العمل وشخصاً آخر فى المنزل وشخصاً آخر فى معاملة من يكون تحت سلطته فقد صدق القول " إذا أردت أن تعرف رجلاً فأعطه السلطة " وهناك صفات فى الإنسان لا تظهر إلا فى ظروف معينة ؛ فمثلاً قد يكون لديك دلو به بنزين وأنت تحسبه به ماء ولا تكتشف أنه بنزين إلا حين تشتعل النيران وتسرع إلى الدلو لتطفىء النيران بما به من ماء فتجد النيران تزداد اشتعالاً؛ ومثلاً هناك فقير لا يشرب الخمر ليس لأنه ملتزم ، لكن لأنه لا يملك مالاً لشراءه.
يقول تعالى : " وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم " ، ويقول الشاعر :
 " تحياتى لمجتمع السلام    وكفى ممسك بيد الحسام
 فإن مالوا لسلم فهو سلم    ترف عليه أسراب الحمام
وإن مالوا لحرب فهى حرب    تشيب لهولها رأس الغلام ".
وحتى إذا كان الزوج تقيا وملتزما فيستحيل أن يلبى كل طلبات الزوجة لأنه لا يشعر بها وباحتياجاتها؛ ومن لا يشعر بالشىء لا يقدره تقديرا سليما فشتان بين من يده فى الماء ومن يده فى النار.
لذا أرى ضرورة عمل المرأة وإصرارها على  الاستقلال بكيانها والاعتماد على نفسها لتأمين مستقبلها ومستقبل أبنائها .
وقد يكون الحل فى فرض القانون نفقة كبيرة على الزوج أو الأب لكن ماذا إذا كان الزوج فقيراً فعلاً وحتى لو حجز على راتبه كله وأمواله كلها ما غطت النفقة وحينها سيحبس الزوج لكن الحبس ليس حلاً كما أنه عقوبة غير رادعة ردع العقوبات البدنية فلو حكم على الزوج بعقوبات بدنية إذا لم يسدد نفقة الزوجة والأبناء التى يقررها القانون كبيرة بحيث تكفل طيب العيش للزوجة والأبناء دون أن تتعلق بفقر أو غنى الزوج سيردع ردعاً شديداً وسيفكر كل رجل ألف مرة قبل أن يتزوج ومليون مرة قبل أن ينجب أطفالاً .
دعونا نعود بالتاريخ للوراء ونرى نظام " ليكورجوس " فعندما تولى حكم إسبرطة فى أواسط القرن السابع قبل الميلاد جعل الدولة جهاز حرب مهمتها تنحصر فى تخريج وتربية الجنود الأقوياء الأصحاء وتنشئة البنات بحيث يصبحن أمهات جسورات ينجبن أبطالاً ، وعد "ليكورجوس " الأطفال ملكاً للدولة لا ملكاً لآبائهم وكان الصبى الإسبرطى ينتزع من أسرته متى بلغ السابعة من عمره ويربى من قبل الدولة لذا من الملاحظ أن " ليكورجوس" لم يترك أحد يفعل شيئاً على هواه وإنما كانت البلاد كلها تسير على هوى " ليكورجورس"، وبالرغم من تعسف هذا النظام وضيق أفق صاحبه فقد وصفه " أفلاطون " بأنه أقل أنواع الحكم فساداً ، وإن ما يعجبنى فى المثال السابق هو أن الأطفال كانوا ينشئون من قبل الدولة فى ظروف واحدة ؛ لأنى أتحسر حينما أرى طفلاً يولد لأب فقير وفى ذات الوقت أرى طفلاً يولد لأب غنى ويعيش فى ترف ويتلقى أحسن تعليم ومأكل ومشرب وملبس على عكس الآخر وما ذنب هذا الآخر ولد الفقير ؟! وما ذنب من ولد لأب قاسى القلب يعذبه ويضربه ؟! .
لذا أتمنى أن يكون للابن المتضرر من قسوة الأب أن يختار أن تربيه الدولة على أن يقنن القانون ذلك فيقنن نفقة باهظة يدفعها الأب للحكومة ويقنن القانون عدم استطاعة الأب منع ابنه من طلب التربية من قبل الدولة وحينها كما سبق أن ذكرنا سيفكر الرجل مليون مرة قبل أن ينجب أطفالاً .
لأن الشر فى الإنسان طبيعة فكان طبيعياً أن يسىء معظم الناس استخدام السلطة إذا ملكوها ولكن هذا أمر يمكن حله أو على الأقل يمكن اتخاذ إجراءات لمحاولة حله ومن هذه الإجراءات المطبقة فى بلادنا اشتراط كرم الأصل فيمن يتولى السلطة وحسن سيره وسلوكه ، ووضع ضوابط لذوى السلطة فى عملهم تمنعهم من التعسف إنما المشكلة الكبرى تتمثل فى تعسف الآباء مع أبنائهم والأزواج مع زوجاتهم .
إن الرجل عندما يتزوج امرأة فإنه فى الغالب لا يتزوجها لأنه يحبها لأنه فى الغالب يتزوج أنثى لم يعرفها ولم يحبها من قبل ، وإنما عندما أراد الزواج بحث عن فتاة تناسبه وتزوجها لإشباع رغباته العديدة وبالتالى لا تنتظر منه أن يكون همه إسعادها أو راحتها ولكن همه سيكون سعادته هو وراحته هو وإشباع رغباته ، وعندما ينجب أولاداً فإنه لم ينجبهم إلا لسعادته ولإشباع شهوة الإنجاب لديه وعندما يربيهم لا يكون همه سعادتهم وإنما يكون همه سعادته هو وفخره بهم .
إن أهداف الإنسان دائماً تكون فى الأشياء التى تسعده لا فى الناس مطلقاً وتكون همه مصالحه لا مصالح الناس ؛ لذا فجدير بالذكر أن الأب والأم حين يشقيان فى رعاية أولادهما ويبذلان كل ما فى وسعهما من طاقة فى ذلك لا يكون لهما أى فضل على أولادهما لأنهما لم ينجبا أولادهما إلا إشباعا لشهوة الإنجاب لديهما وعليهما بر أبنائهما وإعطاءهم حقوقهم فى الرعاية.
وجب ذكر ما سبق لأنى لاحظت الكل يتحدث عن وجوب بر الأبناء بالوالدين ويغفل وجوب بر الوالدين بالأبناء.
محمود عبد القادر



*نشر هذا المقال بموقع دنيا الرأى بتاريخ 28يوليو2013م على الرابط
http://pulpit.alwatanvoice.com/articles/2013/07/28/301387.html


رسالة إلى الرئيس مرسى
المعروف أن الفساد فى أى مجتمع يفسر بأحد الأسباب الآتية :
-   محاولة الناس التهرب من حكم القوانين كالتهرب من الضرائب والرسوم الأمر الذى يرجع إلى عيوب فى القوانين والأنظمة المعمول بها مثل التعقيد المبالغ فيه الذى يدفع الناس إلى محاولة تفادى الإجراءات والموافقات التى لا حصر لها برشوة الموظف المختص ، وقد يكون خطأ القوانين فى أنها غير رادعة ردعاً كافياً .
   عيوب فى الطرق التى تنفذ بها القوانين والنظم وضعف الأجهزة المسئولة عن ذلك مما يدفع الناس إلى تفادى الانتظار الطويل واختصار الطريق بالرشوة والوساطة.
   الطريقة التى يتم بها الإنفاق الحكومى وتخير أوجه هذا الإنفاق ويساعد على الفساد الضعف الواضح فى مرتبات الموظفين العموميين وقصورها عن تغطية المتطلبات الأساسية مما يورث اليأس لدى العاملين ويدفعهم إلى البحث عن دخول تكميلية ويحرم الجهاز الحكومى ممن تتوافر فيهم الرغبة والمقدرة على الخدمة العامة.
   السلطات الواسعة التى يتمتع بها المسئولون وغياب الضوابط التى تضمن الالتزام فى ممارسة هذه السلطات بالصالح العام للمجتمع وشعور المسئولين بأن التجاوز والتعسف فى استخدام السلطة لا يستتبع جزاء فعالا إما لضعف الرقابة والمحاسبة أو لعدم وجودهما أصلاً ؛ فقد صدق المثل الإنجليزى " السلطة تفسد من يتولونها والسلطة المطلقة تفسدهم بصورة مطلقة".
   التردد لفترة طويلة فى تطبيق الإصلاحات الجذرية والتخوف من تبعية هذه الإصلاحات باعتبار كثيراً منها يتعارض مع شعارات رفعت فى الماضى ومع مصالح اكتسبها المستفيدون من أوضاع خاطئة والذين مازال لهم قول مؤثر فيما يتخذ من قرارات وعدم مواكبة الأنظمة الجديدة والتطورات وعدم الاكتراث بالاقتراحات الجادة.
– فساد الناس ؛ وإنى أقولها بصراحة: إن معظم شعبنا الآن لا يتحد إلا فى  تنظيم المظاهرات والهتافات والحملات والاجتماعات والمؤتمرات فهو يعشقها  دون أن ينظر إلى مدى الاستفادة من هذه الأفعال ودون جدية فى الاستفادة منها وإن معظم شعبنا يتفنن ويكرس كل جهده فى غش بعضه البعض والنصب على بعضه البعض وتعطيل مصالح بعضه البعض .
فمثلا منذ فترة نظم طلاب جامعتنا حملة عن اللغة العربية وكانت هتافاتهم تهز الجامعة وعندما نظرت إلى شعار الحملة وجدته مكتوباً هكذا " احمى لغتك " والصواب " احم لغتك " ولم تتضمن الحملة ندوات عن التصويب اللغوى ولا كتبا عن شىء مفيد فى اللغة وإنما ضمت هتافات ونشر الملصقات فقط ... عجبى.
ورأيت أيضاًَ مظاهرة عن الانتفاضة الفلسطينية نظمها حشد كبير جداً من الناس ولم تفد المظاهرة الانتفاضة الفلسطينية بشىء وعندما بدء جمع التبرعات التى تستفيد منها الانتفاضة فعلاً لم يشارك إلا عدد قليل جداً وانفض الحشد الكبير وسط ذهول شديد منى ، ورأيت آنذاك كيف يجرى شعبنا وراء الشعارات وترويج الإشاعات وتتملكه القابلية للاستهواء وعند وقت الجد والعمل الحقيقى لا الكلام لا تجد إلا القليل ممن رحم ربى ، وخير الأمثلة التى يجدر ذكرها المقاطعة الاقتصادية التى يتحمس شعبنا لها دون أن يفهم نتيجتها ولو فهم نتيجتها لبعد عنها كل البعد ؛ فإن الشركات التى يريدون مقاطعتها شركات عالمية لها فروع فى كل أنحاء العالم إذا قاطعناها فسيغلق فرعها فى مصر وستبقى باقى فروعها تعمل كما هى ولن تتأثر هذه الشركات بخسارة هذا الفرع مثلما سيتأثر العاملون فى هذا الفرع من شعبنا .
من ير اهتمام المصريين فى التظاهر المطالب برحيل الرئيس مبارك يعتقد أن مصر أقوى دولة فى العالم بقوة شعبها الذى كان يقف وقفة رجل واحد آنذاك ويعتقد أيضا أن هذا الشعب إذا اتحد واجتمع على فعل شىء بنفس القوة والاهتمام والإصرار الذى اجتمع عليه لاستطاع بكل سهولة أن يفعل ذلك الشىء.
 أتعجب لماذا لم يثر شعبنا ضد موظف مرتش.
ولا سيما بعد ثورة 25 يناير فى ظل ضعف الرقابة والتفتيش أصبح كل هم شعبنا أن يغش بعضه بعضا وأن ينصب بعضه على بعض وأصبح كل تاجر يرفع الأسعار شهريا وفق هواه دون ضابط لعدم وجود رقابة الأمر الذى يؤدى إلى رفع الأسعار سنويا فى مصر بالذات دون سائر دول العالم؛ فإننا نذكر غلاء الأسعار الذى حدث فى العالم كله بسبب مشكلة الغلاء العالمية عام 2008م لكن بعد ذلك ظلت الأسعار ترتفع فى مصر وحدها بصورة شهرية بلا ضابط للسبب المذكور مسبقا.
قد تظن عزيزى القارىء أن كلامى خطأ وأنه افتراء على شعبنا محتجاً بأن كل مكان فى الدنيا به الخير والشر لكنى أرد عليك بأن اليابان مثلاً التزام الناس فيها بالقوانين الرادعة و غير الرادعة هو الشائع وعدم الالتزام هو النادر على عكس الحال فى مجتمعنا تماماً فهنا إن لم يك القانون رادعاً لما التزم به إلا القليل ممن رحم ربى .
وقد تحتج – عزيزى القارىء- أيضاً بأن بلدنا مليئة بالشهامة والكرم وبأن الحياة فى الغرب تسير بمبدأ " الدنيا مصالح " لكنى أرد عليك بأن الحياة إذا سارت بمبدأ " الدنيا مصالح " لأصبحت نعيماً منقطع النظير لأن الله – سبحانه وتعالى – قد جعل الدنيا تسير بهذا المبدأ "الدنيا مصالح " ولم يترك الشهامة وفعل الخير رجماً بالغيب ففضلاً عن تقنين المشرع الحكيم له وفرضه المساعدة والتكافل جعل فعل الخير مجازى عليه ؛ فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : " كل معروف صدقة "(رواه الألبانى فى صحيح الجامع) .
لقد أوضح برنامج " خواطر " التلفازى الذى أعده وقدمه " أحمد الشقيرى " والفيلم المصرى "عسل أسود " بطولة الفنان " أحمد حلمى " والفيلم المصرى " بالألوان الطبيعية " أن معظم شعبنا فى منتهى السوء مع وجود قلة قليلة جداً بين هذا الشعب صالحة يجب أن تحكم البلاد ولكن كيف ستستطيع الإصلاح وسط فساد الناس النابع من نفوسهم لا من شىء آخر فهو ذاتى المنيع كعضلة القلب ذاتية الحركة ، ودعونا نتخيل ما فائدة أفضل مدرب إذا منح لفريق لاعبوه فاسدون؟! ؛ كذلك القوانين الجيدة لا تجدى دون وجود سلطة جيدة تنفذها والاثنان لا يجديان دون وجود شعب يساعدهما على التنفيذ ؛لأن أى نجاح أو فساد فى العالم لا يأتى من شخص بمفرده مهما كانت سلطاته أو جبروته أو قوته وإنما يأتى من تعاون مجموعة أطر الشبكية وقد كان أهم شىء ساعد الخليفة المصلح " عمر بن عبد العزيز " فى مشروعه الإصلاحى التفاف شعبه حول مشروعه الإصلاحى عندما لمسوا صدق المشرف عليه وإخلاصه .
فى حال فساد شعبنا أرى صدق المثل الشعبى "هم اللى علموا الكذب يكذب"؛ فقد كنت اعتقد أن إصلاح القوانين واتباع مبدأ "سد الذرائع"(الموجود فى شريعتنا الإسلامية بهدف إغلاق طرق المعاصى ) كفيلاً لإصلاح مجتمعنا لكنى اكتشفت أن ذلك ليس كافياً وأنه لابد أن يصلح الشعب نفسه بنفسه وسأسرد تجربة تدل على ذلك:
فى البنوك اتبع نظام الأرقام على الخزانة منعاً للوساطة فى ترتيب قضاء العملاء معاملاتهم البنكية بمعنى أن عميل البنك يتسلم عند دخوله البنك رقماً مسلسلاً من موظف الأمن وهم رقم دوره وينتظر حتى يأتى دوره بأن يظهر رقمه على شاشة الخزانة وهذا النظام معمول به منعاً للوساطة لأن الأرقام بترتيبها التسلسلى لا تدع فرصة لتحشير رقم بينها لكنى رأيت مرة الخزانة بعدما ظهر عليها رقم 445 لم يظهر عليها 446 وإنما ظهر عليها 334 وذلك لأن عميلاً ذا وساطة أراد أن يقوم بمعاملة بنكية فى تلك اللحظة فأعطوه هذا الرقم وعندما تجادل مسئولى البنك فى ذلك يخبرونك بأنه حين أتى دور رقم 334 كان صاحبه بالخارج وأتى الآن ( وطبعاً هذا كذب لأنه لو حدث ذلك فعندما يعود صاحب رقم 334 سيكون عليه سحب رقم جديد والانتظار من جديد ) ، كما إن هناك ذريعة أخرى يتخذها موظفى البنوك فى ذلك الأمر فقد يحتفظون بالأرقام العشرة الأولى ( من 1 : 10 ) ليعطوها لمعارفهم وأصدقائهم وللمسئولين كى لا ينتظروا دورهم على الخزانة !
حينذاك تأكدت أن هذا الشعب الذى تشربت نفسه روح الفساد لن يصلحه أى نظام صالح إلا لو كان الإصلاح نابعاً من نفسه وقد صدق القول : " لا ينفع الجرباء قرب صحيحة لها      ولكن الصحيحة تجرب ) .
لكن ليس معنى ذلك أن نيأس بل يؤدى كل منا كل ما عليه على أكمل وجه؛ فإن نجاح أى عمل دنيوى يتكون من تعاون شيئين هما الحظ وهو توفيق الله بنسبة 90% والاجتهاد بنسبة10% وبغض النظر عن النسبة المؤية فلا ينفع الحظ بغير اجتهاد وقد أعطيت لحظ نسبة 90%لأن الله يملك كل شىء فالإنسان فى طريق النجاح يحتاج إلى تحقيق أشياء عدة أعطى الله -سبحانه- سلطة تحقيق 10%منها لاجتهاد البشر واحتفظ لجلاله وعظيم سلطانه بالباقى وطبيعى أن الإنسان إذا صدق النية وصاحبها بالعمل الجاد واستمر وصبر على الخسائر فسيعطيه الله حتما كل حسن الحظ والتوفيق فيقول تعالى:" وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ المُحْسِنِينَ" (العنكبوت69)، وقد توخى الله-سبحانه- لفظ "جاهدوا" لأن الاجتهاد أو الجهاد معناه اللغوى استفراغ الوسع حتى الشعور بالعجز عن بذل المزيد، ويقول –سبحانه- :" إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً" (الكهف30) ويقول أيضا:" قُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ"(التوبة 105)، وفى الاجتهاد وأداء كل شخص دوره بإخلاص بغض النظر عن النتيجة وبذل الجهد حتى آخر قطرة دم وحتى آخر لحظة ممكنة يقول رسول الله-صلى الله عليه وسلم :" إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة ، فإن استطاع أن لا تقوم حتى يغرسها فليغرسها "(صحيح رواه الألبانى فى صحيح الجامع)،ويقول أيضا:" إذا اجتهد فأصاب فله أجران ، وإن اجتهد فأخطأ فله أجرٌ"(صحيح رواه الشوكانى فى الفتح البانى)،ويقول "عادل حسنين" فى ضرورة المثابرة التى تتمثل فى الصبر على الخسائر ومواصلة العمل الجاد:"بين االسفح والقمة مشوار طويل وتعب وكد وكفاح وجهاد ومشقة وانكسارات تفوق فى عددها الانتصارات".
الجدير بالذكر أن الإنسان إذا اجتهد وأدى ما عليه بإخلاص فسيكرمه الله بحسن الحظ وسيسخر كل ما فى الأرض لنصرته وينزل جنودا من السماء لنصرته وسيكسر كل قواعد الدنيا لنصرته ليعطيه نتائج تفوق أى توقعات دنيوية ؛فيقول تعالى :" كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ "(249البقرة) ،ويقول –جل شأنه-:" وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنْ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ [الأعراف:96]، ويقول –سبحانه-: فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً * يُرْسِلْ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَاراً * مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً [نوح:10-13] ، ومن الأمثلة على سبيل المثال لا الحصر: ما روى عن أبي داود المازني ـ رضي الله عنه ـ وكان شهد بدرا أنه قال: ( إني لأتبع رجلا من المشركين لأضربه، إذ وقع رأسه قبل أن يصل إليه سيفي، فعرفت أنه قد قتله غيري ) (رواه أحمد)، وأيضا من الأمثلة الخليفة المصلح "عمر بن عبد العزيز " الذى صدق النية وصاحبها بالعمل الجاد فأعطاه الله –سبحانه-مجتمعا خاليا من الفقراء فقد كسر الله بذلك القاعدة الدنيوية القاضية بعدم وجود مجتمع متكامل لنصرة ومكافأة عمر بن عبد العزيز وقد أعطاه الله بذلك شيئا لم يعطه لرسوله –صلى الله عليه وسلم- ولا يتوقعه بشر وفق القواعد الدنيوية ؛فقد اختفى الفقر والفقراء في عهد عمر رضي الله عنه! حتى إن الأغنياء كانوا يخرجون بزكاة أموالهم فلا يجدون يد فقير تبسط إلى هذا المال، يا للعجب! في عشرين عاماً؟! في عشرة أعوام؟! كلا والله، بل في سنتين وخمسة أشهر وخمسة أيام! إنها المعجزة! إنها الكرامة الكبرى على يد ولد الإسلام العظيم! وأرسلت الكتب من أمير المؤمنين وتقرأ في مساجد عواصم دولته التي كانت تبلغ مساحتها ربع مساحة العالم اليوم في القرن العشرين، تقرأ كتب أمير المؤمنين رضي الله عنه: من كان عليه أمانة وعجز عن أدائها فلتؤد عنه من بيت مال المسلمين! من كان عليه دين وعجز عن سداده فسداد دينه من بيت مال المسلمين! من أراد من الشباب أن يتزوج وعجز عن الصداق فصداقه من بيت مال المسلمين! من أراد من المسلمين أن يحج وعجز عن النفقة فليعط النفقة من بيت مال المسلمين! وما من يوم إلا وينادي المنادي من قبل عمر : أين الفقراء، أين اليتامى، أين الأرامل، أين المساكين؟! يا ألله! يا خالق عمر سبحانك! ليس في عشرين عاماً وإنما في عامين ونصف! وذلك إذا سلك الناس طريق الحق ومنهج الله عز وجل.
وجدير بالذكر أيضا أن الأعمال الدنيوية لا تنجح إلا إذا كانت خالصة لإرضاء الله تعالى ؛فيقول تعالى:" وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ" (التوبة 25).
   لابد لنجاح أى عمل من صلاح أساسه فمثلا إذا أراد شخص أن يبنى عقارا فخما وأتى بأمهر عمال البناء والتشطيب ومهندسى الديكور وأغلى مواد البناء والتجميل لكنه لم يضع أساسا سليما لعقاره فسيسقط العقار وستضيع كل مجهوداته فى البناء والتجميل.
قبل حل مشاكل البنزين والسولار ورغيف الخبز يجب إصلاح أساس هذا البلد وهذا يكمن فى نشر الالتزام والقضاء على التسيب ويكمن هذا فى ضرب الفاسدين بعصا من حديد بتشديد العقوبات لأضعاف مضاعفة ولابد من التفتيش السرى لضمان حسن سير العمل بجميع القاطعات فلابد من وجود شرطة سرية تفتش تفتيشاً سرياً متخفياً أما التفتيش عن طريق لجان التفتيش والمفتشين بصورة علنية لا يظهر جدواه مطلقاً وطالما رأيت ذلك حيث يعلم الناس بوجود لجنة تفتيش قبل وصولها ويستعدون أيما استعداد لها ويغطون عيوبهم لحظات التفتيش فقط وبعدها يعود الحال لما كان عليه.
وكى يكون التفتيش السرى صحيحاً لابد من وجود أربعة أشخاص على الأقل يقومون بالتفتيش على نفس المكان كل بصورة منفردة حتى يكتشف كذب أحدهم أو سوء استغلاله سلطته.
حين يعاقب مخطئ واحد فى هذا البلد بعقوبة مشددة  سيتحقق غرضا العقاب وهما الردع الخاص وهو جزاء من أخطأ لكى لا يعود إلى الخطأ والردع العام وهو تخويف المخطىء وغيره من ارتكاب الخطأ ولن يخطئ أحد ثانية وستستقيم الحياة.
فمثلا إذا ضبطت شرطة سرية سائق سيارة أجرة يرفع التسعيرة وعوقب بعقوبة مشددة تتمثل فى الحرمان من ممارسة المهنة لمدة عام ترى – عزيزى القارئ- هل سيرفع سائق آخر التسعيرة؟! بالطبع لا.
بتطبيق عقوبات مشددة استثنائية فى هذه الفترة ستستقيم الحياة ويصلح أساس هذا البلد وإذا صلح أساسه فسيسهل جدا حل كل مشاكله وسيسهل حل مشكلة البنزين والسولار ورغيف الخبز بسرعة بالغة.
أضرب مثلا آخر: إذا كلف إخصائى اجتماعى بتأهيل شاب مدمن مخدرات فهل يبدأ تعليمه المذاكرة والصلاة أولا أم يعالجه من الإدمان أولا؟ بالطبع سيعالجه من الإدمان أولا لأنه إذا أصلح صحته وأساسه وتركيزه بعلاجه من الإدمان سيسهل تعليمه الصلاة والاستذكار.
اللهم بلغت، اللهم فاشهد
محمود عبد القادر
www.mahmkd.net.ms
*نشر هذا المقال بموقع دنيا الرأى بتاريخ 17 مايو 2013م على الرابط

http://pulpit.alwatanvoice.com/articles/2013/05/17/294236.html