الأربعاء، 17 أكتوبر 2012

13أكتوبر2012


اللهم اضرب الظالمين بالظالمين
  لأن معظم الناس ضعفاء الإيمان بالله-سبحانه- فقد كان طبيعيا أن يكون تفكيرهم دنيويا لا أخرويا بمعنى أنهم يخططون لمستقبلهم وحاضرهم وفق ما هو موجود حاليا من أوضاع  دون ذرة تفكير فى أن الله –سبحانه- قادر على أن يغير كل شىء فى لحظة وأنه إذا أراد فعل شىء فسيكسر كل قوانين الدنيا لتنفيذه ، وكان طبيعيا أن يعتمدوا على البشر لا على الله وأن يفكروا فى سلطات البشر لا سلطات الله رغم أن الله –تعالى – على كل شىء قدير ومن حكمة الله أنه لا يظهر عقابه أو ثوابه على عجل وإنما يتمهل ويعطى كل شىء فى الوقت المناسب فيمهل المخطئ ليتوب أو لتكثر ذنوبه فيشتد بها عذابه وتكثر مظالمه فلا يجد من يقول  عند وفاته :"رحمه الله" ويمهل سبحانه المصيب ليرى هل سيستمر فى الخير أم لا.
كان طبيعيا أن تجد الناس يتقربون لذوى السلطة من البشر ويسعون لكسب حبهم لا للمودة فى ذاتها  وإنما ليحققوا مصالحهم الشخصية وقد لمست ذلك جيدا حين كنت أسير فى الشارع مع أخى الأكبر الذى يعمل قاضيا فقد كنت أرى الناس يسلمون عليه بحرارة شديدة ويسعون لكسب وده بأية طريقة ولم يك أحد منهم يعطينى أى اهتمام ، وكنت أرى حين يحدث خلاف أو مشكلة بين شخص ذى سلطة وشخص عادى أن الناس يناصرون ذا السلطة ولو كان مخطئا لأنهم يخشونه ولأنهم يسعون لكسب وده  ولا أحد يناصر الضعيف ولو كان على حق ولم يفكر هؤلاء لحظة فى أن الله سيحاسبهم حسابا شديدا على هذا الظلم وأن من ناصروه قد تزول سلطته فى لحظة وتبقى سلطة الله –سبحانه – وهم لم يقدموا ما يكسبون به مودة الله وإنما قدموا ما يكسبهم مودة ذى السلطة الدنيوية الزائلة ( وجدير بالذكر أنهم إذا سعوا إلى كسب مودة الله فسينالونها حتما لأنها مضمونة إذا قدموا مقدماتها أما كسب مودة البشر فهو غير مضمون مهما قدموا له من مقدمات ).
لأن الله –سبحانه – يعلم أن الدنيا مصالح وأن أحدا لن يتحرك لعون أخيه الإنسان دون أن تكون له مصلحة شخصية جعل الله عون الإنسان لأخيه الإنسان عملا يجازى عليه الله عبده ولم يتركه بلا مقابل ؛ فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" كل معروف صدقة "(رواه السيوطى فى الجامع الصغير) وقال أيضا " الله فى عون العبد ما كان العبد فى عون أخيه"(رواه مسلم فى صحيحه).
  بصفتى رجل قانون فخور بالانتساب إلى أسمى علوم الأرض – القانون- أرى أن المجرم غبى بطبعه لأنه يعلم أن الجريمة معاقب عليها فى الدنيا والآخرة ورغم ذلك ارتكبها ، وقد اعتاد المجرم ذو السلطة أن يفرح بتعاون من يسعون للالتصاق بسلطته فى ارتكابه المظالم دون أن يفكر أو يفكروا هم فى أن من خان غيره سيخونهم لا محالة ودون أن يفكروا لحظة فى أن الله سيضرب الظالمين بالظالمين وفى أن من حفر حفرة لأخيه وقع فيها ودون أن يفكر الظالم فى أن سلطته قد تزول فى لحظة وحينها لن يجد أحدا من معاونيه على الظلم  بجواره ولم يفكر أيضا ذلك الغبى فى أن الإنسان متغير بطبعه وأنه قد يأتى اليوم الذى يغدر به فيه كل معاونيه على الظلم ويفشون كل أسرار مظالمه ولم يفكر أيضا فى أن هؤلاء يلتفون حوله لا حبا فيه وإنما لتحقيق مصالحهم الشخصية .
لقد وقع فى هذا الخطأ الجسيم بعض مسئولى النظام السابق فى حكومة بلادنا وقد فقدوا كل شىء الآن ؛ فالرئيس مبارك بعدما كان يثنى عليه الإعلاميون يوميا وكان الناس يتمنون منه نظرة وكان أعضاء حزبه الوطنى يهتفون باسمه لم يقف بجواره أحد بمجرد زوال سلطته والكل التف حول من يملك السلطة الحالية وتركوه تطبيقا للمثل الشعبى القائل "اللى يتجوز أمى أقول له يا عمى".
ودليل على أن الله-جل شأنه-يضرب الظالمين بالظالمين وعلى أن هذا العقاب من أشد العقوبات الدنيوية لأنه يتمثل فى خيانة الأصدقاء  أذكر أن الإعلاميين الذين كانوا يثنون على مسئولى النظام السابق وقتما كانوا يملكون السلطة هم الذين يفضحون أسرار جرائمهم الآن بعدما زالت السلطة منهم ؛ فقد شاهدت فى برنامج تلفازى الصحفى محمود نافع وهو يذكر أنه حينما كان يرأس تحرير صحيفة نهضة مصر وكتب تحقيقا عن الفساد فى مصر بالصحيفة اتصل به هاتفيا زكريا عزمى نائب رئيس الجمهورية السابق وقال له أن الحكومة أعطت للإعلاميين حرية الرأى لكن ليس لدرجة إفشاء أسرار الفساد المتفشى فى البلاد ، وشاهدت إعلاميا آخرا يذكر  أن أنس الفقى وزير الإعلام السابق اتصل به هاتفيا وقال له " الولاد اللى فى ميدان التحرير احنا شلناهم فى خمس دقائق " وتعجب ذلك الإعلامى من قوله "شلناهم" وتساءل هل يعمل ذلك المسئول وزيرا أم بلطجيا؟!
نتعلم من هذا الدرس أن الإنسان لانصير حقيقى له إلا الله سبحانه ؛ فحب الله لعبده أكبر مما يتخيل وأن حاجة الإنسان الحقيقية هى الحاجة إلى القرب من الله وإرضاء الله لا القرب من البشر ولا رضاء البشر عنه  لذا يجب على الإنسان أن يعتمد على الله فقط لا على الناس لأن الناس همهم مصالحهم لا مصالح غيرهم كما أن سلطاتهم دنيوية زائلة كما أنهم متغيرون بطبعهم ويمكن أن يخذلوه فى أية لحظة وطالما آمن الإنسان بذلك فيجب أن يتقى الله حق تقاته وألا يخاف من البشر وألا يهتم بسلطاتهم وألا يعتمد عليهم وألا يجعل همه رضاهم وإنما يعتمد على الله ويجعل همه رضا الله ويحفظ حقوق الله عليه ؛ فيقول الرسول صلى الله عليه وسلم:"احفظ الله يحفظك،احفظ الله تجده تجاهك ، وإذا سألت فاسأل الله و إذا استعنت فاستعن بالله واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشىء لم ينفعوك إلا بشىء قد كتبه الله لك ولو اجتمعوا على أن يضروك بشىء لم يضروك إلا بشىء قد كتبه الله عليك ، رفعت الأقلام وجفت الصحف"(رواه الألبانى فى صحيح الجامع).
ويجب أن يفكر الناس تفكيرا أخرويا لا دنيويا فلا يتقربون لذوى السلطة الدنيوية وإنما يتقربون إلى الله عز وجل ويثقون فى أن سلطة الله هى الأعلى وهى الدائمة المحفوظة من الزوال وأن يعلموا أن الله سبحانه إذا أراد فعل شىء فسيكسر كل قوانين الدنيا لتنفيذه والدليل هو العجب من النهاية السيئة للرئيس الذى حكم مصر ثلاثين عاما ولم يك أحد يتوقع مطلقا أن تكون نهايته كهذه، ولنر أيضا المطرب على الحجار بعدما كان من أثرى الرجال بمصر فقد ثروته واستدان من كل أصدقائه وفقد إعجاب المنتجين به وظل لا يعمل  ثم أراد الله أن يغنيه فعمل حتى سدد ديونه وعاد أثرى مما كان وأصبح يملك استديو وسيارة ثمنها نصف مليون جنيه .
قد يستغرب البعض حين يعملون بجد ثم لا يجدون نتائج جيدة ويتعرضون للظلم وتضيع حقوقهم ويظلون يدعون الله أن ينصرهم  فلا يجدون نتائج إيجابية ظاهرة عاجلة فيظنون أن الله لا يسمعهم ويختل إيمانهم بالله لكن من حكمة الله أنه يدخر ثمار عملنا الصالح ليردها لنا فى الوقت المناسب وفى شىء أفضل مما كنا ننتظره كما أنه يختبر بذلك التأخير صبر عبده واستمراره فى عمله الجاد وفى إيمانه وقد أقسم الرسول صلى الله عليه وسلم على قوله "لا ظلم عبد مظلمة فصبر عليها إلا زاده الله عزا"(رواه الألبانى فى سنن الترمذى بإسناد صحيح) وقال تعالى " إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً (30الكهف).
محمود عبد القادر
www.mahmkd.net.ms
*نشر هذا المقال بموقع دنيا الرأى بتاريخ 13أكتوبر 2012م على الرابط

احترسوا من عيب خطير لصفحات facebook
شرعت كثير من المؤسسات فى إنشاء صفحاات لها على موقع facebook بدلا من إنشاء موقع إلكترونى لسهولتها وتميزها ولكن لهذا الاستبدال عيوب خطيرة ؛ فرابط موقع facebook  طويل لا يمكن حفظه ولا يمكن تمليته لذا تملى المؤسسة على عملائها اسم صفحتها على facebook  مثل: صفحة :الملتقى الثقافى" فيدخل العميل على facebook  ويبحث عن  الملتقى الثقافى" فيجد الكثير من الصفحات التى تحمل نفس الاسم ولا يوجد شىء يؤكد له أيهم الصفحة الرسمية ويتضح الخطر فى عمل المؤسسات الخيرية التى تتلقى التبرعات فبمجرد أن تنشئ صفحة لها على facebook  حتى تجد صفحات كثيرة قد أنشئت بنفس الاسم لتلقى التبرعات بدلا منها والنصب على المتبرعين .
أما الموقع الإلكترونى فله رابط خاص به لا مثيل له  يمكن حفظه وتمليته ولا يقلد لذا أنصح وأتمنى أن تنشئ كل المؤسسات مواقع إلكترونية وتنشر بها رابط صفحتها على facebook  و  youtubeمثلما فعل موقع قناة العربية مثلا وإن كانت لا تملك تكاليف إنشاء موقع إلكترونى فلتنشئ مدونة مجانية على موقع blogger  مثلا وستحظى بكل مميزات الموقع الإلكترونى الخاص.
محمود عبد القادر
*نشر هذا المقال بموقع دنيا الرأى بتاريخ 14أكتوبر 2012م على الرابط
ضرورة التواصل مع القارئ والمتابع
  كلنا يعلم جيداً أن وسائل الإعلام المقروءة تعتمد فى ربحها على التمويل الإعلانى بصورة أكبر من اعتمادها على كثرة المبيعات لكن كثرة المبيعات هو الطريق المؤدى لتدفق سيل التمويل الإعلانى وكذلك الأمر بالنسبة للوسائل المرئية والمسموعة فكثرة متابعيها هو الطريق المؤدى إلى كثرة التمويل الإعلانى .
وفى نظرى أرى أن التواصل مع المتابع فى الوسائل المسموعة والمرئية ومع القارىء فى الوسائل المقروءة هو أهم شىء لتحقيق كثرة المتابعين ومن ثم تحقيق كثرة التمويل الإعلانى ونجاح الوسيلة الإعلامية .
ومن أكثر الوسائل الإعلامية المقروءة التى حققت نجاحاً منقطع النظير بسبب تواصلها مع القارىء مجلة ماجد الإماراتية للأطفال ؛ ففيها باب اسمه " بين ماجد وأصدقائه " يقدم فيه القراء اقتراحاتهم واستفساراتهم وترد عليهم إدارة المجلة ، وركن تعارف لنشر بيانات هواة المراسلة ، وركن للمبادلة ، وركن لحل المشاكل ، ومسابقات ذات جوائز ،وتهتم المجلة باقتراحات القراء وتنفذها قدر المستطاع وإن لم تستطع تنفيذها فإنها ترد على المقترح رداً مقنعاً حتى لا تخسر قارئاً واحداً وإنما يكون عدد قرائها فى زيادة مستمرة الأمر الذى وضعها منذ نشأتها وحتى الآن على عرش مجلات الأطفال العربية ، وكانت مجلة الشباب المصرية متربعة على عرش المجلات العربية الشبابية فى فترة التسعينيات بسبب تواصلها مع القارىء ؛ فكانت تحوى هدايا يطلبها القراء وكان بها أبواب " أبحث عن شريك فى العمل – مستشارك الخاص – أريد أن أعرف " لكن هذه الأبواب توقفت منذ أعوام .
أعجبتنى مجلة باسم السعودية للأطفال حينما نفذت اقتراح القراء بإصدار أسطوانة حاسوب مع كل عدد تضم أعداداً قديمة من المجلة فى صورة كتاب إلكترونى ، وأعجبتنى صحيفة " اضحك للدنيا " المصرية عندما أغلقت عام 2006م ؛ ففى عددها الأخير نشر جميع كتابها ورساموها برائدهم الإكترونية للتواصل مع القراء .
لم أر كاتباً حقق التواصل مع القارىء على أكمل وجه وأدى ذلك إلى نجاحه قدر الكاتب الساخر والرسام المهندس/خالد الصفتى مؤلف سلاسل كتب " فلاش–سماش–سوبر فلاش–مغامرات فلاش–مطبوعات فلاش– بانوراما "؛ فقد كان يخصص باباً للقراء فى كل عدد من هذه السلاسل ولا يهمل رسالة أى قارىء دون أن يرد عليها رداً مقنعاً .
ويعجبنى جداً الكاتب الذى يترك عنوانه وبريده الإلكترونى تحت مقدمة كتابه وكذلك البرامج التلفازية وكتاب الصحف الذين يفعلون ذلك ؛ فهذا يترك للقارىء حق الاستفسار والاقتراح وإبداء رأيه .
هناك وسائل إعلامية يحبها القراء حباً جما لكنهم يستاءون من عدم تواصلها معهم الأمر الذى يسبب لهم مشكلات ، فمثلاً صحيفة "المساء" المصرية صحيفة لها شعبية كبيرة جداً لكن ثمنها تسعون قرشاً مصرياً وهذا يسبب استياء القراء لأنهم يدفعون للبائع جنيهاً أى مائة قرش ولا يحصلون على العشرة قروش الباقية لعدم وجود نقود مفكوكة لدى البائع أو المشترى ، وأيضاً هناك جمعية أصدقاء أحمد بهاء الدين الثقافة المصرية التى تقيم أنشطة ومسابقات ثقافية رائعة ذات جوائز أكثر روعة لكن الإعلان عن هذه الأنشطة والمسابقات لا يحدث بشكل جيد تماماً وموقعها على الشبكة العالمية لم يحدث منذ إنشائه ونادراً ما تجد أحداً يعرف هذه الجمعية ويتابع أنشطتها .
كانت هناك وسائل إعلامية رائعة لم تك تحقق التواصل مع المتابع وقد أغلقت والله –سبحانه – أعلم هل أغلقت لهذا السبب أم لغيره ، ومن هذه الوسائل مجلة " شارع الصحافة " المصرية الرائعة التى كانت تصدر شهرياً وكانت تضم أهم ما نشر فى الصحف المصرية خلال شهر ، وقناة السفر العربية Arabian Travel   وهناك وسائل إعلامية ينقصها التواصل مع القارى كى تتربع على القمة منها مجلة شباب 20 الإماراتية.
محمود عبد القادر
*نشر هذا المقال بموقع دنيا الرأى بتاريخ 13أكتوبر 2012م على الرابط

لا يضر السحاب نباح الكلاب
   دخلت مجال صاحبة الجلالة عندما كان عمرى عشرة أعوام وحينها لفت نظرى تمتع الصحافة فى بلادنا بحرية زائدة عن الحد بقدر يبيح للجهلاء من الصحفيين العبث بعقول الناس وبث كراهية الحكومة فى نفوس شعبنا بسب حكومتنا بغير وجه حق، واستغلال قابلية شعبنا للاستهواء فى نشر الشائعات وينطبق على هذا الحال المثال القائل :" رزق الهبل على المجانين " ، وقد سألت أحد أساتذتى آنذاك عن سبب ترك الحكومة هؤلاء العابثين دون عقاب أو وقف فأخبرنى أن الكتابة هى أسلوب العاجزين الذين لا يستطيعون الفعل لذلك يكتبون ؛ لأنهم لو استطاعوا أن يفعلوا ما يريدون لما كتبوه وما توانوا عن فعله والحكومة تتركهم بتطبيق مبدأ " لا يضر السحاب نباح الكلاب " .
والوسط الصحفى لدينا للأسف يضم مجموعة سيئة جداً من الصحفيين يطلق عليهم فى لغة الصحافة "البصمجية" وهؤلاء هم من لا يفهمون ما يكتبونه وكل هدفهم جذب القارىء واستغلال قابليتهم للاستهواء بنشر الشائعات والعناوين المثيرة وعلى سبيل المثال ما حدث فى عام 2006م حين احتاجت هيئة النقل العام المصرية لسائقى أتوبيس وتحدث المهندس صلاح فرج رئيس الهيئة ذاكراً أنه قدم تسهيلات واسعة لتعيين السائقين دون جدوى وتساءل ماذا يفعل ؟ هل يستورد سائقين بعد كل هذا ؟ ، فترك الصحفيون البصمجية كل التسهيلات وكتبوا مانشيت بعنوان " صلاح فرج يستورد سائقين " وبعيداً عن البصمجية هناك وسائل إعلام دءوبة فى تغطية كل صغيرة وكبيرة من الأحداث وقد سبب لها دأبها الزائد عن الحد الاهتمام بأشياء لا تستحق الاهتمام وعندما يهتم السحاب بنباح الكلاب يكون خطأ السحاب باهتمامه أكبر من خطأ الكلاب بنباحها ؛ لأن الكلاب عندما تنبح لا تستحق أن يهتم بها أحد ؛ لأنها غالباً تنبح بهدف الظهور الكاذب والشهرة فقط دون هدف آخر مفيد ، ومن أمثلة ذلك ما فعلته إحدى المحاميات المصريات عندما صرحت بأن أجساد الفتيات الإسرائيليات حلال لرجال العرب لأن الإسرائيليين يهتكون أعراض العرب فى فلسطين واهتمت بتصريحها قناة العربية الفضائية و بثت لقاء معها ، وفى حادث آخر عندما قذف الصحفى العراقى منتظر الزيدى الرئيس الأمريكى جورج بوش بحذائه عام 2008م صرح مدرس مصرى يعمل صحفياً بإحدى الصحف المغمورة بأنه قد عمل فى العراق فترة وتزوج من امرأة عراقية وأنه يعرف منتظر الزيدى منذ زمن بعيد وأنه قد اتصل بشقيق منتظر عقب الحادث مباشرة ليبلغه أنه سيهدى لمنتظر ابنته للزواج كهدية دون مهر وفور هذا التصريح هرعت وسائل الإعلام إلى أسرة هذا الرجل ونشرت عدة تحقيقات صحفية مصورة بمساحات واسعة فى معظم الصحف العربية، وفى نفس العام نشر طالب بكلية الصيدلة كتاباً عن الاستذكار والتفوق الدراسى بعنوان " ثلاثون قانوناً للمذاكرة الفعالة " وكتابه فعلا رائع لكنه ذكر فى الكتاب ضمن هذه القوانين أن الطالب إذا عطر كتابه بعطر معين حين يذاكر فيمكنه بعد ذلك تذكر ما بهذا الكتاب عند شم هذه الرائحة ، وفور حدوث ذلك نشر خبر بصحيفة الأهرام المصرية بعنوان " طالب مصرى يكتشف طريقة للمذاكرة بحاسة الشم " وفور نشر الخبر هرعت وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية لهذا الطالب واحتلت التحقيقات الصحفية المصورة التى أجريت معه مساحات واسعة فى معظم الصحف العربية وبثت معه لقاءات تلفازية فى قنوات عدة ،وطبعا ما فعله ليس اكتشافا لأنه أمر معروف من آلاف السنين .
الاهتمام بالناس الذين لا قيمة لهم يجعلهم ينخدعون ويزعمون بأن لهم قيمة وشأناً عظيماً ومن ثم يتدخل إحساسهم بالنقص ليجعلهم متكبرين أو بمعنى أصح مخدوعين ومغرورين فى أنفسهم ويكون السبب فى ذلك اهتمام الناس بهم غير المستحق وهناك مثل شعبى مصرى يقول : " يا فرعون إيه فرعنك ؟ فيرد : ملقتش حد يلمنى " ، والواجب ألا نعطى شخصاً  أكثر من قدره وقد نهانا رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم عن المدح فى الوجه وأمرنا بالتكبر على المتكبرين .
أجد بعض المكتبات خارج سور الجامعة يقوم أصحابها باختصار لا تلخيص الكتب الجامعية وبيع هذه المختصرات التى لا تشكل أية قيمة لقليلى العقل من الطلاب وكان طبيعياً فى ظل تمتع شعبنا بالقابلية للاستهواء ورغبة حمقى الطلاب فى التعلم غير المفيد أو بمعنى آخر تخطى الامتحانات دون تعلم أن تحقق هذه المكتبات مكاسب باهظة من عملها الخاطىء حتى أصبح صاحب إحدى هذه المكتبات يكلم الطلاب بكل ازدراء وكأنهم يتسولون منه وحمقهم هو الذى أشعره بذلك وينطبق على هذا الموقف المثل القائل : " رزق الهبل على المجانين " .
حينما كنت أدرس بالمرحلة الإعدادية كان أحد المدرسين يقول لنا : " من لن يأخذ عندى درساً خصوصياً سأحرمه من درجات أعمال السنة فذهب كل الطلاب إلى إرضائه بكل الوسائل أما أنا فلم أعطه أى اهتمام حتى أنه قال لى ذات مرة : " سأعطيك درجة منخفضة هذا الشهر " فقلت له : " افعل ما شئت فأنت أدرى " ؛ لأنى كنت أعلم آنذاك أن درجات أعمال السنة فى الفصل الدراسى كله ست درجات وقانونيا لا يستطيع المدرس أن يعطى طالبا أقل من أربع درجات ، إذا فالمعرفة والعلم الصحيح من المصادر الصحيحة الموثوقة يحميانك من تضليل أهواء الناس ويجعلك تسمو فوقهم بعلمك .
الحق هو أن يوضع الشىء فى موضعه ولكل شىء قدره ، وما يزيد عن حده ينقلب لضده .

محمود عبد القادر
www.mahmkd.net.ms
*نشر هذا المقال بموقع دنيا الرأى بتاريخ 13أكتوبر 2012م على الرابط

من مساوىء التعليم الجامعى فى بلادنا
   عندما كنت أدرس بالصف الثانى الثانوى عام 2006م نشرت مقالاً عن مساوىء التعليم فى مدارسنا المصرية فى عمود كامل بصحيفة الأهرام التعليمى ، أما الآن فقد دخلت الجامعة وقضيت عامين أسودين بكلية الطب البيطرى ولم أوفق فيهما وتركتها والتحقت بكلية الحقوق وهأنذا أكتب ما لمسته من مساوىء تعليمنا الجامعى .
لقد ذكرت فى كتابات سابقة أن السبب الرئيسى فى تخلفنا وفى كل مشاكل بلادنا هو جهل وغباء معظم شعبنا الذى يسلط شره على نفسه دون أن يدرى مما أدى إلى فقر معظم شعبنا فأصبحت المشكلة فقرا وغباء وجهلاً والفقر سبب جعل التعليم مجانياً مما أدى إلى فساده وذلك لأن مجانية التعليم جعلت أجور المدرسين ضئيلة والإمكانيات ضئيلة وجعلت الطلاب يفسدون كل شىء فى المدارس ؛ لأنهم لم يدفعوا فيه شيئاً ( وهذا راجع لمشكلة غباء معظم شعبنا الذى يسلط شره على نفسه السابق ذكرها ) .
ولنتحدث عما فعله الغباء والجهل والفقر فى معظم شعبنا ؛ فنظرا لفقر معظم شعبنا لا يستطيع معظم أفراده إلحاق أبنائه بالجامعات الأجنبية أو الجامعات الخاصة مما سبب جعل التعليم الجامعى مجانياً وأدى إلى فساده أيضاً مثل التعليم الأساسى .
أما الغباء فقد جعل كل أب يتمنى أن يصبح ابنه طبيباً أو مهندساً ولا سيما طبيباً ؛ فشعبنا ينظر إلى الطب على أنه رمز للتفوق والمال والاحترام والمكانة المرموقة وهذا يؤدى إلى تدافع الناس كلها على مكان واحد وهذا يتعارض مع فطرتنا التى خلقنا الله عليها لنعمر الأرض ؛ فقد يسر كلا منا لما خلق له ، وقد وصل الغباء والجهل بالناس إلى درجة أن الناس فى مدينتنا بصعيد مصر كانوا لا يعرفون شيئاً نهائياً عن مجالات كثيرة كالسينما والإعلام وإنما يعرفون فقط الطب ويؤمنون به كل الإيمان ولا يشهدون بالتفوق إلا لطالب كلية الطب ، وقد أدت هذه الفكرة الخاطئة إلى رغبة كل الطلاب فى الالتحاق بكلية الطب ليس حبا فى مجال الطب ولكن فى المال والمكانة المرموقة وأدى تدافع الطلاب على هذه الكلية بطريقة التعليم الجامعى المجانى إلى خروج مكتب تنسيق القبول الجامعات عن طوعه وهو معذور فهو لم يجد حلا غير أن يصبح عدد المقبولين بكليات الطب هو عدد أعلى المجاميع الكلية فى الثانوية العامة الذى يماثل عدد الأماكن الخالية بكليات الطب ما أدى إلى تحويل الثانوية العامة من غاية غرضها التعليم إلى وسيلة سيئة جدا للالتحاق بكليات الجامعة وأصبح الناس يعتبرونها مسألة حياة أو موت أو تحديد مصير كما يقولون فكانوا يوهمونى بأنى إذا لم يحالفى التوفيق ولم ألتحق بكلية الطب فلن أجد عملا فى أى مجال آخر وأدى ذلك إلى بدء الطلاب فى الدروس الخصوصية مذ بدء الأجازة الصيفية بالتعاقد مع عدد كبير من المدرسين لا بغرض التعليم  إطلاقا وإنما بغرض إحراز الدرجات بأى وسيلة ممكنة أو غير ممكنة أو حتى غير مشروعة لحجز مكان فى كليات القمة وقد خضت تلك التجربة وعرفتها وعرفت أنها خاسرة و فاشلة كل الفشل لا محالة لأنك مهما فعلت ومها اجتهدت ومها حصلت على مجموع كبير فلن تدخل الكلية التى تريدها وإنما التى يعطيها لك مكتب التنسيق فمثلا من يريد الالتحاق بكلية الطب البشرى مثلا مهما أحرز مجموعا كبيرا فإنه سيخضع لمكتب التنسيق وقد يحالفه الحظ أو لا يحالفه ويودى به إلى كلية الصيدلة أو الطب البيطرى أو طب الأسنان أو العلاج الطبيعى حسب حظه وهذا فضلا عما يحدث من أخطاء فى أسئلة امتحانات الثانوية العامة التى غالبا ما تجعل الحظ هو الفيصل ولكن أساس فشل التجربة هو التحاقك بكلية لا تريدها وأنك مهما فعلت فستدخل الكلية التى على هوى مكتب التنسيق لاعلى هواك.
وعن تجربتى الخاصة فقد كنت أتمنى الالتحاق بكلية الطب والتحقت بالقسم العلمى بالثانوية العامة وكنت كمن يدخل حربا ضروسا -لا بديل عن الانتصار فيها -يعد لها كل الإعداد وكان عزمى على أن أحرز مجموع الـ 100% لا يفوق عزمى على أى شئ آخر فى حياتى وكانت المفاجأة أنى فى المرحلة الأولى من الثانوية العامة نسيت أن أجيب عن سؤال فى مادة الكيمياء قدرة خمس درجات وحصلت على 45 درجة من خمسين درجة فى الكيمياء وكان مجموعى الكلى فى المرحلتين 97% وأودى بى إلى كلية الطب البيطرى وطبعا كان معظم شعبنا بما فيه من الغباء والجهل يكره تلك الكلية ولا يحترمها ويعتبرها بلاء لكنى كنت سعيدا جدا بأن مكتب التنسيق لم يخذلنى وأعطانى كلية طبية وحمدت الله ودخلت الكلية فوجدت أنى الطالب الوحيد بها السعيد بدخوله هذه الكلية وخلال تجربتى بالكلية لمست مساوئ التعليم العالى لدينا وعرفت جيدا لماذا لا تنجب مصر علماء فى العلوم الطبيعية بينما تنجب عظماء فى العلوم الإجتماعية وذلك لأن من أراد تعلم العلوم الإجتماعية فالكتب موجودة أمامه وبإمكانه تحقيق ما يريد دون الاستعانة بأحد أما من يريد تعلم العلوم الطبيعية فى جامعاتنا فإنه يضرب بالأحذية على رأسه من قبل الأساتذة الذين ضربوا قبل ذلك من قبل أساتذتهم وعموما سأشرح تجربتى وأستنبط مع كل حادث فيها عيبا فى تعليمنا الجامعى .
كانت الكيمياء أول مادة درسناها فى أول يوم لنا بالكلية وفى المعمل كان معيد كلية العلوم يسبنا ويعيرنا بأننا طلاب الطب البيطرى وبأننا نتعامل مع الحيوانات- وأقسم بالله أنى لو كنت مسئولا آنذاك لفصلته فصلا نهائيا فى تلك اللحظة- وجعل المعيد يسرد طلاسم وتجارب ولم نفهم منها شيئا وأمرنا بكتابتها وانتهى الدرس العملى وقد أمرنا المعيد بحفظ هذه التجارب وكانت أشبه بالطلاسم وحفظها يعد حفظ فهرس أى شئ لا يحفظ مما جعلنا نتعقد ونظن الكيمياء أصعب مادة ثم أخبرنا طلاب الفرقة الثانية بأن التجارب تكون مجمعة فى جدول موجود بالكافيتريا وعلينا شراؤه من هناك لأنه لا يسمح بدخول الامتحان دون حمل هذا الجدول وهو ليس للحفظ ولكن للامتحان وهنا يظهر أول خطأ وهو عدم وجود كتاب عملى مقنن صادر من الكلية به شرح مفصل لا يترك صغيرة ولا كبيرة تدع الفرصة لمعيد أن يكذب علينا أو يضلنا أو يتهاون فى شرح شىء لكن الكتاب العملى الصادر من الكلية كان أشبه بالدفتر الفارغ الذى يجب ملؤه بكلام المعيدين ومثلا فى مادة الهستولوجى كان المعيد يرسم الرسوم على السبورة بصورة خاطئة وبالتالى ينقلها الطلاب بصورة أكثر خطأ وهذا لعدم وجود تقنين للكتاب العملى وطبعا كان هذا العيب هو أجل العيوب فى كل المواد الدراسية وفى مادة التشريح مثلا تجد ألاطلس المجسم المطبوع يباع فى المكتبات ولا يصدر عن الكلية ولا أحد يرشدك إلى شرائه أما عن الكتب النظرية فتجد الكتاب مكتوبا عليه إعداد قسم الهستولوجى مثلا وهذا معناه أن الكتاب مكتوب من عشرات السنين دون تطوير وسيدرس كل موضوع فى الكتاب أستاذ معين وهذا معناه أن كل موضوع فى الكتاب ليس مكتوبا عل هوى الأستاذ الذى سيشرحه فتجد كل أستاذ عندما يدرس الجزء المطلوب منه يشرح أشياء غير موجودة فى الكتاب تماما ويكون الطلاب مطالبين بكتابة كل كلمة يشرحها وراءه وهذا يستحيل عمليا وكفانا كلام شعارات وكفانا خداع أنفسنا لأن هناك أشياء لا يمكن كتابتها وراء الأستاذ بصورة صحيحة مثل المعادلات والرموز الكيميائية والمصطلحات الهجائية وهذه المشكلة تتمثل فى عدم وجود كتاب مقنن للمنهج وهذا يعد جل المساوىء وأساس الفساد ؛ لأن الكتاب هو أساس العلم ؛ ومصدره الموثوق ، فكيف نعلم أبناءنا بلا كتب ، وترتيبا على ذلك تجد أن الأستاذ الذى يضع الامتحان  غير الأساتذة الذين درسوا و من يضع الامتحان التحريرى غير الممتحن شفهيا ، وهذا الاختلاف وعدم التقنين وسوء التنظيم يؤدى إلى جعل الممتحن تحريرياً يأتى بأسئلة عن أشياء لم تدرس أصلاً وهو معذور لأنه لم يدر ماذا درس ولا يوجد كتاب مقنن يوضح ما درس، وكذلك يفعل الممتحن شفهياً أيضاً .
وطبيعى أن تجد شرحاً سطحياً أو عدم شرح ومحاولات تعقيدية آتية من الأساتذة والمعيدين ؛ لأنهم قد عانوا هذه المساوىء  وهم طلاب وضربوا بالأحذية على رءوسهم من قبل الأساتذة لذا فهم يروون غليلهم برد الإساءة على حساب الطلاب بالأخذ بقول الشاعر : " إذا مت ظمآنا فلا نزل القطر " .
وتأتى امتحانات أعمال السنة فى توقيت سيىء جداً فمثلاً تكون امتحانات نصف العام فى منتصف شهر يناير والمناهج الدراسية لا تنتهى إلا بانتهاء شهر ديسمبر وتكون امتحانات أعمال السنة فى النصف الثانى من شهر ديسمبر والامتحانات العملية تمتد من أواخر شهر ديسمبر وتنتهى قبل الامتحانات النظرية بأسبوع على الأكثر ، وفى هذه الحالة فإن الطالب خلال شهر ديسمبر يحتار هل يذاكر ما درسه اليوم من مناهج أم يذاكر المادة التى سيمتحن فيها امتحان أعمال السنة غداً أم يراجع المادة النظرية استعداداً لامتحانات نصف العام أم يراجع المادة العملية استعداد للامتحانات العملية بعد أسبوع وجدير بالذكر أن نمط أسئلة امتحانات نصف العام يختلف كلياً عن نمط أسئلة امتحانات أعمال السنة فلا يصح أن يظن أحد أن الطالب عندما يذاكر استعداداً لامتحان أعمال السنة سيفيده استذكاره لامتحان نصف العام وهذا لأن وضع أسئلة امتحان نصف العام يختلف كلياً عن وضع وطريقة أسئلة امتحان أعمال السنة أى أن المذاكرة استعداداً لهذا الامتحان تكون بطريقة وبكيفية مختلفة كلياً عن طريقة المذاكرة لذلك الامتحان .
وفى الامتحان العملى كان لابد أن نتجمع فى الساعة العاشرة صباحاً ويتم حبسنا داخل المعامل ويكون الدخول للامتحان بالترتيب الأبجدى ونظراً لأن اسمى " محمود " يبدأ بحرف الميم ذى الترتيب الأبجدى المتأخر فكنت أدخل الامتحان فى الساعة السادسة مساءً بعدما أظل محبوساً داخل المعمل ثمانى ساعات كاملة ، أما الامتحان الشفهى فكان موعده فى الساعة الثانية عشرة ظهراً وكان علينا أن نقف أمام مكتب الأستاذ الممتحن – حيث لا يوجد مكان للجلوس- أوقات طويلة لأنه كان يتأخر عن موعده وإلى أن يأتى دورى فى الترتيب الأبجدى .
أما عن الأنشطة التى كانت موجودة بالكلية فطبيعى ألا توجد أنشطة عملية إطلاقاً وإنما كانت هناك الجمعية العلمية لطلاب الطب البيطرى وكانت إعلاناتها تنص على أن أنشطتها هى التدريب العملى على أعمال الطب البيطرى والرحلات العلمية وكان اشتراكها قيمته خمسون جنيهاً لمدة عام وكان من يشترك يحصل على بطاقة عضوية ودورة تدريبية عن كتابة السيرة الذاتية ومهارات العرض فقط ولا ينفذ أى شىء مما نص عليه الإعلان وتقيم الجمعية رحلة علمية لبولندا قيمتها ستة الآف جنيه مصرى وهو مبلغ لا يملكه أى طالب بالكلية لأنه لو كان هناك طالب يملك هذا المبلغ لما التحق بكليتنا والتحق بأى جامعة خاصة ، وعن النشاط الثقافى فكان الطلاب يجمعون مقالات تافهة جداً من الشبكة العالمية- الإنترنت- ويطبعونها فى مجلات بالكلية ولا أحد يستفيد شيئاً من هؤلاء الطلاب الذين كتبوا هذه المجلات ، ولكن الحق أحق أن يتبع فإنى لا ألوم الكلية على فساد الأنشطة بها لأن كل شىء له وقته ومكانه والتخصص أهم شىء ولا أحد يتعلم السباحة بالمدرسة رغم وجود نشاط رياضى بها ؛ لأن التخصص أساس النجاح والقوة .
المساوىء التى ذكرتها لا يشعر بها أحد سوى من جربها لا من قرأها أو سمعها لأن يده فى الماء وشتان بين طعم الثلج وطعم النار ؛ فإن هذه الأسباب تشكل فساداً لا يوصف ويجعل هذا الفساد والفوضى نجاح الطلاب أمراً إن لم يكن مستحيلاً فسيكون مبنياً على الحظ والحظ أنذل ما فى الوجود فإن نصرك اليوم لن ينصرك غداً وإن نصرك اليوم وغداً لن ينصرك بعد غد لذا تجد من ينجح بالحظ فى العام الأول يرسب فى العام الثانى ومن ينجح فى العامين الأول والثانى يرسب فى العام الثالث وهكذا وقليل جداً من يرحمه الله ويكرمه بحسن الحظ وينجح فى الأعوام الخمسة ويخرج وهو لم يتعلم شيئاً مفيداً وإنما حصل على شهادة مظهرية فقط ، وبعد كل هذا هل ما زلت عزيزى القارىء تتساءل لماذا لا تنتج بلادنا علماء ؟! .
بعدما شربت الكأس المرة فى تلك الكلية كنت أتساءل هل هذا جزائى على اجتهادى وتفوقى الدراسى طوال عمرى وحصولى على مجموع كبير فى الثانوية العامة ، وقد كنت طوال عمرى طيباً ولم أؤذ أحداً ؟! هل يجور على الزمن لهذا الحد وأتجرع كأس الرسوب المرة وأتعرض للقهر فى منزلى والكل يصفنى بالفشل والرسوب ويجعل الحظ السيىء شخصاً لا يساوى مليماً يسخر منى ويصفنى بالفشل بعدما كنت طوال عمرى رمزاً للتفوق والاجتهاد وكنت كالعلم الذى يحييه طلاب ومدرسو المدرسة كل صباح ؟ !
من أسوأ الأشياء فى الدنيا أن تجد جزاء إحسانك عقابا.
إن من كانت ينجح بتلك الكلية كان يتسم بالصبر لأبعد حد فكان يصبر على مساوىء الكلية صبراً جميلاً ويحاول أن يعمل قدر استطاعته ويصبر ويتحمل فشله وإخفاقه المتكرر الذى يشعره بأنه يتعب ويعمل دون جدوى ؛ إلا إن هذا الطالب فى النهاية لو نجح فسيكون قد نجح بالحظ أيضاً ؛ لأن مساوىء الكلية السابق ذكرها لا تعطى أحداً فرصة للاجتهاد والنجاح بالحظ يجعل حالتك النفسية سيئة لأنك تقضى كل عام وأنت على كف جنى لا تعلم هل تسير فى الاتجاه الصحيح أم لا وتشعر بأنك قليل الحيلة لا تستطيع فعل شىء ، ولكن الغالبية العظمى من طلاب الكلية يتعرضون للرسوب المتكرر وبالتالى يتعرضون للقهر فى منازلهم ولا مجال لأن يصدقك أهلك عندما تشرح لهم هذه المساوئ -مثلما أنا واثق كل الثقة فى أنك عزيزى القارئ عندما تقرأ مقالى هذا لن تصدقه وإنك لمعذور لأنه كلام لا يصدق ولا يشعر به إلا من جربه ولسع بناره - وإذا أردت ترك الكلية والتحويل لكلية أخرى فلن يوافق أهلك لأنهم ينظرون للكلية على أنها كلية طبية لها مجالات عمل لا حصر لها وسيذكرون لك أن لك زملاء قد نجحوا فى تلك الكلية وآخرين تفوقوا وإذا حاولت أن تفهمهم مساوىء الكلية لن يقتنعوا مطلقاً، وسيذكرون لك أيضاًَ أن الآلاف من طلاب القسم العلمى الذين لم يحالفهم الحظ بالالتحاق بكلية طبية يتمنون الالتحاق بكليتك ، وأنك لو تركت مجال الطب لن تجد عملاً فى مكان آخر  ويشعرونك بأن الطب هو المجال الوحيد الذى يضم فرص عمل وسيطلبون منك البقاء فى الكلية لكى تصبح طبيباً حتى ولو رسبت فيها عشر سنوات وهذا طبعاً يتعارض مع نظرية أنك لابد أن تكون قوياً فى مجالك وإلا فستعذب حتى موتك ، ويتعارض أيضاً مع نظرية أن طرق الخير أكثر من أن تحصيها فكيف يقولون لك أن الطب هو المجال الوحيد الذى به فرص عمل .
لذا يكون من التحق بتلك الكلية قد حكم عليه بالتعذيب وحرق الأعصاب وغليان الدماء وتدمير حالته النفسية مدى الحياة لا محالة ؛ فإنه لا يستطيع الاجتهاد ولا الصمود ولا التحويل لكلية أخرى .
بعد كل ما ذكرته كان طبيعياً أن أرسب فى العام التالى لى بالكلية وأتركها بعدما كانت تمثل فى نظرى شخصاً يمسك سوطا ويضربنى به طيلة عامين .
طبيعى أن تظن عزيزى القارىء أن كلامى هذا ناتج عن فشلى بالكلية وأن تردد القول القائل " عندما ينهار البناء تنتشر الجرذان" ، لكنى أقسم لك أن هذه هى الحقيقة وأن أوائل الكلية يعترفون بهذه المساوىء واسمع ما يقوله عظماء علمائنا المصريين عن تعليمنا العالى :-
-المهندس المصرى حاتم سعيد صاحب مشروع " ابنى بيتك " الذى أشاد به الوزير يقول        " رسبت سنتين بكلية الهندسة ولو تركت نفسى للكلية لأصبحت فاشلاً " .  
-ويقول "أ.د.عصام حجى" العالم المصرى الذى يعمل بوكالة الفضاء الأمريكية " ناسا " وكان قد حصل على ثلاث إنذارات بالفصل من جامعة القاهرة مسبقاً : الوضع فى الجامعات المصرية يشبه أعمى يقود سيارة دون فرامل وأمامه حائط وتكون النتيجة قتل البحث العلمى ونزيف العقول المصرية .
وجدير بالذكر أنه لا توجد حتى الآن سوى خمس كليات مصرية معتمدة عالمياً نالت الاعتماد مؤخرا منذ عامين على الأكثر .
من الآباء العقلاء الذين يملكون المال من يجعل ابنه يمر بمرحلة الثانوية العامة كمرحلة عادية جداً بالخروج من سباق الثانوية العامة بكل ما يحويه من خسائر ويجعل ابنه يلتحق بإحدى الجامعات الأجنبية أو الخاصة فى التخصص الذى يريده .
بعد ما ذكرته عن ذلك المكان السيئ أرى أن الإنسان إذا رأى مكانا سيئا كذلك لا يستطيع فعل شىء إيجابى فيه ويبقى مشلولا فعليه أن يرحل منه دون جدال وقد يحتج البعض بأن الله سبحانه سيجازيهم على صبرهم على الفساد فى ذلك المكان ولكنى أرد عليهم بأنهم لم يستطيعوا فعل شىء إيجابى -كالاستذكار مثلا – يحتجون به أمام الله  ويبقون مشلولين وتحت رحمة الحظ والحظ أنذل ما فى الوجود فلا أمان له فإن نصرك اليوم لن ينصرك غدا وإن نصرك اليوم وغدا فلن تأمن مكره بعد ذلك   وأدلل على ذلك بدليل عملى ؛ فقد كان لى زميل بتلك الكلية رسب فى العام الأول وأعاده ثم صعد للعام الثانى ورسب فيه وكان قد عرف مساوئ المكان جيدا ونصحته بتركه لكنه أصر على البقاء  وأعاد العام الثانى  ورسب ثانية وحينها فصل من الكلية بعد ضياع أربع سنوات من عمره كما أنه فى هذا العام 2010م الذى فصل فيه ألغى نظام الانتساب بالكليات الحكومية المصرية وبالتالى لا يحق له الانتساب لإحدى الكليات كما لا يحق له الالتحاق  بالجامعة المفتوحة إلا بعد مرور خمسة أعوام من حصوله على الثانوية العامة لأنه قد حصل عليها أيام اللائحة القديمة عام 2006م وبذلك يكون استمراره بعناد فى ذلك المكان قد أضاع خمسة أعوام كاملة من عمره هباء.
كما أدلل على ذلك بدليل من التاريخ ؛ فحين كان الشيخ عز الدين بن عبد السلام يعمل قاضيا وبنى الوزير معين الدين غرفة فوق أحد المساجد ليجلس فيها مع أصدقائه اشتكى الشيخ ذلك الأمر للسلطان فلم يرد عليه فاستقال الشيخ من القضاء وقال :"إنى لا أتولى القضاء لسلطان لا يعدل فى القضية ولا يحكم بالسوية .

محمود عبد القادر
*نشر هذا المقال بموقع دنيا الرأى بتاريخ 13أكتوبر 2012م على الرابط
http://pulpit.alwatanvoice.com/articles/2012/10/13/274035.html

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق